BEGIN TYPING YOUR SEARCH ABOVE AND PRESS RETURN TO SEARCH. PRESS ESC TO CANCEL

التعليق الشامل على خطاب الرئيس أوباما الداجل

. د. محمد خيرى قير باش أوغلو أ

hkirbasoglu@yahoo.com
hayrikirbasoglu@hotmail.com

إن صفحات سجل التاريخ مليئة بخطب سياسية و عسكرية و اقتصادية و اجتماعية مشهورة لفعلها فى التاريخ و لأثرها فى نفوس الجماهير و لدورها فى تحديد مسيرة التاريخ إيجابا أو سلبا. و بفضل قدرة الإعلام – بإمكانياته الهائلة – على تقديم خطاب أوباما خطابا تاريخيا يشكل حجر زاوية لبداية مرحلة جديدة ، بدأت تهب رياح التفاؤل و الفرح والسعادة فى أجواء الإعلام الغربى و الإسلامى فى آن واحد . و هل نحن أمام فجر صادق حقا أم هو فجر كاذب يزول بسرعة فى الأيام القليلة القادمة ؟
وأما جواب هذا السؤال فلن يأخذ منا وقتا طويلا ، لأن الخطوات التى ستخطوها و المواقف التى ستتبناها حكومة أوباما فى الأيام القادمة ستقدم لنا أكبر دليل على مصداقية خطاب أوباما ، لأن العبرة بالقرارات و التنفيذ لا بالخطب و التمنيات و الوعود .
و لكن لا بأس بأن نقوم بتقييم خطاب أوباما لا من حيث فن الخطابة و لكن من حيث الواقعية و المصداقية أو الإزدواجية و المفارقات و التناقضات الداخلية حتى لا نبوء بخيبة أمل و لا تزعجنا المفاجئات .

قبل الدخول فى تفاصيل الخطاب لا بد من وضعه فى سياقه التاريخى و الدولى و السياسى لئلا نقع فى التجزيئية أو لا نكون مثل من نظر الى شجرة و لا يرى الغابة التى تخفيها الشجرة . أما السياق التاريخى فخطاب أوباما ليس فريد من نوعه بل له سابقاته مثل خطابات كلينتون و خطاب نابولين المشهور الذى ألقاه فى نفس المكان و فى ظروف شبيهة بظروف التى ألقى أوباما كلمته. بل تجاوز نابوليون أوباما ببراغماتيته بإعلان إحترامه لنبى الإسلام و القرآن الكريم و بإسلام الفرنسيين إلا أن بعض المتطوعين بين صفوف المسلمين لم يقصروا فى أداء هذا الواجب و ادعوا نيابة عن أوباما بأنه “ مسلم مختفى“ رغم تصريحه بأنه مسيحى دون شك .

فليتعلم أوباما البراغماتية من نابوليون بونابارته !

يجب أن نتذكر جيدا أن نابليون بونابارتة حين قدم لغزو مصر ادعى إسلام الفرنسيين ، فلا شك أنه كان خداعا للجماهير و لكن أوباما لم يتجرأ الى أن يدعى بأنه مسلم أو أن الشعب الأمريكى شعب مسلم و اكتفى بالقول بأن فى أصوله مسلمين و أن له ذكريات الطفولة أو الشبابية مع المسلمين و كان ذلك منه أيضا خطوة لامتصاص غضب الشعوب الاسلامية ، غير أن الذى يقرأ خطاب نابوليون يتأكد من أنه متفوق على أوباما من حيث البراغماتية تفوقا بارزا و إليكم نص كلام نابوليون دون تعليق :

“ فأما رب العالمين القادر على كل شيء فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم، يا أيها المصريون، قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين وإنني أكثر من المماليك أعيد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضاً لهم إن جميع الناس متساوون عند الله وإن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط.“

المحتل يدعى بأنه ليس بمحتل!

و كما كان يدعى نابوليون – دون أن يحس ذرة من خجل – بأنه لم يأت لإزالة الإسلام بالرغم من احتلاله لأراضى المسلمين أمام أعين الناس و بالرغم التهديد الشديد الذى هو فى غاية الصراحة فى قوله 🙁 طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم وتعلو مراتبهم، طوبى أيضاً للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا فلا يجدون بعد ذلك طريقاً الى الخلاص ولا يبقى منهم أثر. )و فى قوله: ( كل قرية تقوم على العسكر الفرنساوي تحرق بالنار) ، فإن أوباما لم يقدم لنا إلا نسخة طبق الأصل لكلام نابوليون و ذلك بدعوى من أوباما بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم يشن حرب ضد الإسلام بحال ، قائلا: :
( وقد صرحت بمدينة أنقرة بكل وضوح أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام) و ذلك دون أن يحس أيضا أدنى خجل من كونه رئيسا لدولة محتلة حاليا ، احتلت العراق و أفغانستان بشكل مباشر و احتلت دول أخرى إسلامية بشكل غير مباشر عن طريق القواعد العسكرية لها أو عن طريق الإستعمار الإقتصادى إضافة الى ممارساتها القرصنة السياسية عن طريق التهديدات والإنقلابات العسكرية المدعومة من قبلها و المقاطعات الإقتصادية . و للتأكد من هذا الأمر يكفى النظر الى خريطة العالم و القواعد العسكرية الأمريكية المتوزعة و المنتشرة فى جميع أنحاء العلم بشكل عام و فى العالم الاسلامى بالتحديد .
أوباما يخاطب الأزهر و جامعة القاهرة كما كان نابوليون يخاطب العلماء و القضاة

و من اللافت أن أوباما وجه خطابه مباشرة الى مؤسسة دينية كجامعة الأزهر و الى جامعة القاهرة ، كما وجه نابوليون خطابه الى العلماء و القضاة والى أعيان البلد مباشرة وهذه المبادرة من رئيسى دولتى غظميى إمبرياليتين و إن دل على شىء فإنما يدل على استمالة قلوب العلماء الذين ينطقون باسم الإسلام و يفتون باسمه ، و ذلك لإستغلال مكانتهم لتهدئة الجماهير الغاضبة أمام ممارسات الفرنسا و الولايات المتحدة من الإحتلال و الإستعمار و القمع و الإستبداد و الإبادة و المقاطعة و ما الى ذلك من العنف والشدة ، لا لأن نابوليون أو أوباما يحبانهم حبا صادقا و مخلصا دون مقابل و من غير توقع شىء منهم!

أوباما لم يبلغ كعب نابولين فى البراغماتية أو فى الكذب الوقح

و ذلك لأن أوباما لم يدعى أن أمريكة دولة إسلامية و مجتمع إسلامى كما كذب نابولين كذبا صريحا بقوله 🙁 أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلد قولوا لأمتكم إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا فيها كرسي الباب الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين).و لكن أوباما إكتفى بالإشارة فقط الى أن أمريكا يعيش فيها ملايين من المسلمين وأن ( ليس هناك أي شك من أن الإسلام هو جزء لا يتجزأ من أمريكا) أو ( أن الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أمريكا)
.
نابوليون و أوباما : لفت النظر الى حرية أقامة الشعائر الدينية

والذى يقارن بين النصين الآتيين ،الأول لنابوليون و الثانى لأوباما يتأكد من التقارب الشديد بينهما من حصر الحريات الدينية على إقامة الصلوات فى المساجد و إجلال نظم المحتلين لمنحه هذه المنحة العظيمة! و كأن الصلاة كانت ممنوعة قبل مجيء المحتل !غير أن أوباما قام بإضافة روتوش بسيط فقط مثل مسألة ارتداء الحجاب :

(1) المادة الخامسة – الواجب على المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة أنهم يلازمون وظائفهم وعلى كل أحد من أهالي البلدان أن يبقى في مسكنه مطمئناً وكذلك تكون الصلاة قائمة في الجوامع على العادة، والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله سبحانه وتعالى لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عالي أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي، لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية) (نابوليون).

(2) (علاوة على ذلك لا يمكن فصل الحرية في أمريكا عن حرية إقامة الشعائر الدينية. كما أن ذلك السبب وراء وجود مسجد في كل ولاية من الولايات المتحدة ووجود أكثر من 1200 مسجد داخل حدودنا. وأيضا السبب وراء خوض الحكومة الأمركية إجراءات المقاضاة من أجل صون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن من ذلك الحق)
(أوباما).

أما تفاصيل عملية حل الشفرات فى خطاب أوباما و إليكم أهم نتائجها :

مفارقة أم تناقض ؟

و من الغريب جدا أن يبدأ الخطاب حتى فى لحظاته الأولى بمفارقة أو تناقض واضح جدا لم ينتبه اليه أحد فيما يبدوا و هو أن يسلم أوباما الحضور بتحية الإسلام „السلام عليكم“ ناسيا أو متناسيا أن الدول العظمى و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هى التى تهدد السلام العالمى بما تملك من آلاف الأسلحة النووية و التقليدية و بما تطبق من السياسة الخارجية العدوانية الموجهة الى دول محور المقاومة فى العالم الإسلامى و الأمريكة اللاتينية و بما تتبنى من النمط الاستهلاكى كسياسة إقتصادية التى تؤدى الى استهلاك عشوائى لموارد الطبيعة و دون أن تحس بمسؤولية تجاه مصالح و حقوق الأجيال القادمة و مستقبلها. أ ليس من حقنا – ما دام الأمر كذلك – أن نسأل أوباما سؤالا كهذا : فعن أى سلام تتحدث و تحيى الحضور به ؟ و إنما الذى أوقع أوباما فى مثل هذا التناقض الواضح هو رغبته فى تقديم خطاب يجذب قلوب السامعين الذين عندهم استعداد كامل للإغترار بحلو الكلام دون النظر الى ما وراءه أو تحته من التناقضات و النوايا غير الطيبة .

هل هناك قواسم مشتركة بين الإسلام و أمريكا حقا
ـ ذروة المقاربة السطحية حول طبيعة و حقيقة الإسلام ؟!! ـ
(لقد أتيت إلى القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان).
(وأعتقد أن أمريكا تمثل التطلعات المشتركة بيننا جميعا بغض النظر عن العرق أو الديانة أو المكانة الاجتماعية: ألا وهي تطلعات العيش في ظل السلام والأمن والحصول على التعليم والعمل بكرامة والتعبير عن المحبة التي نكنها لعائلاتنا ومجتمعاتنا وكذلك لربنا. هذه هي قواسمنا المشتركة وهي تمثل أيضا آمال البشرية جمعاء).

لب اللب أو الحقيقة الخالصة فيما إرتكبته الدول الغربية عموما و أمريكا خصوصا من الإستعمار و الإحتلال و الإبادة و التدمير هو إعتراف أوباما التالية التاريخية :
( وساهم الاستعمار خلال العصر الحديث في تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق والفرص، كما ساهم في ذلك الحرب الباردة التي عوملت فيها كثير من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بلا حق كأنها مجرد دول وكيلة لا يجب مراعاة تطلعاتها الخاصة. وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذي رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين إلى اعتبار الغرب معاديا لتقاليد الإسلام).
وهل يحتاج الى كلام أو تفسير آخر غير هذا الإعتراف لإيضاح ما يشاهد فى العالم الاسلامى من غضب الجماهير و بغضهم للغرب عامة و أمريكة خاصة ؟ و هل يحق لك يا أوباما بعد هذا الإعتراف أن تتلفظ كلمات مثل التطرف و العنف و الشدة و الإرهاب و حضارتك! هى التى تغذى هذه الممارسات ، بل و هى التى تجبر الجماهير الذين لا حيلة لهم لإيقاف هذه الهجمات الشرسة و وحشية و لا يملكون غير الأحجار و البندقيات و الأسلحة الخفيفة أمام أحدث الجيوش التى تملك أحدث أسلحة تدميرية و إبادية كما تستخدمونها انتم فى العراق و أفغانستان و كما استخدمتها اسرائيل فى فلسطين و لبنان و أخيرا فى غزة .

كلام قيل قبل أوانه فأصبح بعيدا عن المصداقية

(لقد أتيت إلى القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان).
(ومن منطلق تجربتي الشخصية استمد اعتقادي بأن الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقة الإسلام وليس إلى ما هو غير إسلامي، وأرى في ذلك جزءا من مسؤوليتي كرئيس للولايات المتحدة حتى أتصدى للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت)
نظرا لأن أوباما قريب عهد فى الرئاسة و لأننا لا نملك فى مجال التنفيذ ما يكفى لتقييم سياسات حكومته فمن الضروري أن نتناول كلام أوباما هذا، فى ضوء السياسات الراهنة . و من هذا االمنطلق لا يملك أى إنسان فضلا عن الخبراء فى مجال السياسة الدولية أن يتساءل “ ما هو المصلحة المشتركة بين أمريكا و المسلمين“ فى قضية إحتلال العراق و أفغانستان و فى خضوع أمريكا للسياسات إسرائيل العنصرية و القمعية دون مبالات بقرارات الأمم المتحدة؟ فعلى أوباما أن يصرح بهذه المصالح التى غفلنا غنها حتى يأتى أوباما و أيقظنا من غفلتنا العميقة!!!و ماذا كسب العالم الإسلامى فى مجال السياسة و الإقتصاد و التنمية من دعم أمريكا لحكامنا المستبدين الذين لا يحترمون إرادة شعوبهم ، بل يأخذون التعليمات من النظام الأمريكى بدلا من شعوبهم ؟ ثم حلف الناتو الذى يتزعمه نظامكم لما ذا لم ينته دوره عند إنتهاء الخطر الشيوعى ؟ أم الناتو حل محل التهديد الشيوعى بالنسبة للعالم الاسلامى ؟ ، إعلم بأننا نحن المسلمون لم تصل منكم الينا أى „مصلحة مستركة“ مزعومة غير الإحتلال و الإبادة و التدمير و القمع و الدم و الدموع .
أما الحديث عن “ الإحترام المتبادل“ فشىء لم نسمع عنه و لم نره و لم نتلمس آثاره ! و بصراحة أسألك : هل فى معجمكم مفهوم “ الإحترام المتبادل“ عبر تاريخكم القصير نسبيا رغم كل ما قمتم من الأعمال الإبادية و الاستعمارية بدء من إبادة الحنود الحمر و مرورا بأكبر إرهاب دولى أمريكى فى ناكازاكى و هيروشيما و وصولا الى تدمير العراق و افغانستان ؟
أمريكا هذا البلد الذي يدعي الحرية وحقوق الانسان وحمل هذا الشعار لغزوالكرة الارضية والقضاء على النسل البشري وهو الذي بني على أنقاض جماجم السكان الأصليين في مجازر لم يشهد التاريخ مثيلا لها.
فابادة الهنود الحمر
واستعباد شعوب افريقيا
وضرب اليابان بالقنبلة النووية
وحرب فيتنام
وحرب الكوريتين
وتدمير ألمانيا خلال الحرب
وغزو أفغانستان
وغزو العراق
كلها جرائم كبرى ستبقى شاهدة على دموية الدولة الأمريكية وجرائمها ضد الانسانية!!! فأى احترام كهذا؟؟؟ إما نحن لا نعلم معنى كلمة الاحترام المتبادل أم هناك محاولة غير ذكية لخداع المسلمين ؟؟؟
أما القواسم المشتركة المزعومة بين الإسلام و أمريكا فكلام سخيف و لأنه يبدوا و كأنه قيل من دون روية و إن دل هذا الكلام على شىء فانما يدل على جهل قائله أو كاتبه بحقيقة الإسلام أو على جرءة مستشاري أوباما على تلقينه بأحكام غير واقعية و أفكار خاطئة و بالتالى مخجلة بالنسبة لرئيس دولة كائنا من كان ذلك الرئيس . لأن أمريكا و الاسلام أمران لن يجتمعا أبدا ما لم تترك أمريكا أنانيتها و علمانيتها و رأسماليتها و استعمارها و إرهابها و نمط استهلاكها و تبذيرها و أسلحتها النووية و التقليدية التدميرية وما لم يتخل عن كل ما أدى و سيؤدى الى الفساد و الظلم و الطغيان و ما لم يتجنب من كل تطور ضد البشرية و الكوكب الذى نعيش عليها . لأن الاسلام احترام للبشرية و الكون و ايمان بأنهما ليستا ميراث توارثناها من آبائنا و لكنهما وديعتا الأجيال القادمة و لأن الكون فى نظر الإسلام آيات من آيات الله و مسخر للإنسان ليستفيد منها كما علمه الله و يكون مسلما ، لا ليفسد و يبذر و يكون إخوانا للشياطين كما قال القرآن الكريم. إعلم أن حقيقة الاسلام الذى تحدثت عنها أنت إنما هى للوقوف أمام مثل هذه التطورات السلبية لا للإستسلام لها أو الخضوع أمامها ، لأن الإسلام معناه الإستسلام لله تعالى و لتعاليم الإسلام فقط ، لا الإستسلام للطغيان و الظلم و التدمير و الإحتلال و الإستعمار !!!
و لذلك أوصيك يا سيد الرئيس أوباما أن لا تسلم نفسك الى مستشاريك فى كل الأمور و خاصة فيما يتعلق بالإسلام و المسلمين و عليك أن تقرأ القرآن بنفسك و أن تقوم بدراسته و دراسة الاسلام بنفسك و إذا احتجت الى من تثق بعلمه ، فانظر الى البيئات المعارضة لنظام أمريكا لا الى الموالين أو المتزلفين اليه أو مرتزقة النظام الأمريكى !
إذن ، الإسلام و أمريكا لا يلتقيان و لن يلتقيا ما لم تغير أمريكا فلسفة حياتها و إيديولوجية تأليه الإنسان بدل العبودية أمام الله وما لم يبتعد من حرصها على غزو الكرة الأرضية للتحكم عليها و لثرواتها و إتلاف المصادر الطبيعية اتلافا عشوائيا و بدون مسؤولية و ما لم يتراجع عن تغليف الظلم و الفساد و الطغيان بغلاف الحرية والديموقراطية و السلام و حقوق الإنسان ! و ذلك لأن الجدير برئيس كامل و حكيم أن لا يتكلم بخطاب مغلف ، و لكن هل تسمح براغماتية أمريكا بذلك؟
أنت تتحدث عن العدالة و التسامح و كرامة الإنسان ؟ و لكن هل تدرى أن هذا الكلام يحط من مكانتك أمام العالم بدلا من اعلائها؟ أنت تتحدث عن العدالة بصفة رئيس دولة لعلها آخر دولة يحق لها التحدث عن العدالة و كذلك الأمر بالنسبة للتسامح : أين كانت أمريكا من التسامح عندما كانت تضرب العراق و أفغانستان و اليابان و الكوريا و الفياتنام؟ أين الإيمان بكرامة الإنسان بعد كل هذه الممارسات غير إنسانية بل و وحشية! هل تعتقد حقا أن المسلمين سيغترون بمثل هذا الكلام من رئيس دولة فقدت مصداقيتها ، ليس عند المسلمين فقط ، بل عند جميع الدول و المجتمعات فى العالم و حتى فى مجتمعها بالذات؟
أما احتجاجك بآية (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) وأنك ستتحدث بمقتضاها ، فلن يغير من الأمر الواقع شيئا ما دمت اكتفيت بالخطاب المجرد من التنفيذ و لذلك نحن سننتظر قرارتك و ممارساتك ! أمامنا وقت طويل جدا لأن العالم الإسلامى عنده خبرة غنية حصيلة تجارب عديدة عبر القرون الطويلة لتمييز الخبيث من الطيب و الكاذب من الصادق !

أحترامك بالحضارة الإسلامية ؟
أنت تتحدث من حين الى آخر عن الحضارة الاسلامية و عظمتها و لكنك هل سألت نفسك :لماذا و كيف دمرت دولتك العراق كأغلى جزء من أجزاء الحضارة الاسلامية ، بل و من أجزاء الحضارة الإنسانية؟ و سرقت ثرواتها الحضارية التى هى ملك لجميع البشرية ؟
ولنختبر صدق كلامك ، قل لنا : ما ذا عملت من إجراآت قانونية لمعاقبة مسؤولى هذه السرقة الأمريكية الوحشية ولإسترجاع كل ما سرق و نهب من الآثار و الأعمال الفنية القديمة منها و الحديثة ؟ هل تظن بأننا أطفال ننسى كل هذه الأعمال الإجرامية ضد التاريخ و الإنسانية و التراث البشرى بسهولة و بسرعة؟ لآ ، مليون لا . لا ننسى و لن ننس هذه الجرائم كما لم ننس جرائم الصليبيين و الموغول والدول المستعمرة الغربية و الشرقية !
الصورة النمطية للإسلام
هذه الصورة إنما هى من صنع الغرب بشكل عام و صنع أمريكا تحديدا لأنها خلقت لتخدم مصالح الغرب المستعمر و المحتل للتغطية على جرائمه و ممارساته الوحشية و المخالفة للقوانين الدولية بالتعاون مع العملاء فى مجال الدراسات الإستشراقية و الإعلام الموالى للإستعمار .أما نصيب المسلمين فى صنع هذه الصورة فلا يستهان ، غير أن السبب الرئيس فى هذه السلبية يعود الى سياساتكم الإستعمارية و إحتلالكم العسكرى أيضا ، لا غير ! و أما قبل فترة الإستعمار و الإحتلال المباشر فكان العالم الإسلامى مدركا كل الإدراك بأن هناك أخطاء لا بد من تصحيحها و لكن الجهود المبذولة لإعادة الإسلام الى صيغتها الأصلية بائت بفشل بسبب الضغوطات الداخلية و الخارجية معا ، لأن هذه المحاولات لتصحيح مسير الإسلام و تنقيته من الشوائب كانت يتزعمها العلماء و المفكرين المقاومين للإستعمار الغربى و المناضلين من أجل تحرير العالم الاسلامى من الإحتلال والاستعمار و التبعية و الإستسلام بكل أنواعها و لأن كلمات الحرية و الإستقلال و المقاومة كانت مخيفة فى الداخل و الخارج معا !
أمريكا دولة سواسية حقا ؟
تزعم أثناء كلامك بأن( أسست دولتنا على أساس مثال مفاده أن جميع البشر قد خُلقوا سواسية). نعم قد يكون كلامك صحيحا على أساس النظرية و الخطاب و لكن هل بإمكانك أن تدعى بأن أمريكا دولة تؤمن بسواسية البشر رغم أنك لم يتم إنتخابك رئيسا للولايات المتحدة إلا بصعوبات و بعد مضى أكثر من قرنين من تأسيسها ؟ و بالرغم من إنتخابك ، هل يمكن القول بأن المواطنين من أصول غير أوروبية سواسية حقا مع المواطنين من أصول أوروبى ؟

المساجد مؤشرة حقيقية لحرية لأديان؟
(علاوة على ذلك لا يمكن فصل الحرية في أمريكا عن حرية إقامة الشعائر الدينية. كما أن ذلك السبب وراء وجود مسجد في كل ولاية من الولايات المتحدة ووجود أكثر من 1200 مسجد داخل حدودنا). ذكرنى كلامك هذا بكلام رئيس الدولة التركية سابقا سليمان دميرأل و كان يقول : (هل يمنعكم أحد من أن تصلوا فى المساجد و تصوموا فى شهر رمضان و تذهبوا الى الحج و العمرة ؟ ) احتجاجا على توفر الحريات الدينية بأكملها فى تركيا و كان ذلك منه كلاما للتسويق الداخلى و أما كلامك فأعتقد أنه ناتج عن قلة معرفتك عن حقيقة الإسلام أو أن تعتمد على مقارنة الإسلام بالمسيحية و لكن الإسلام يختلف عن المسيحية إختلافا جذريا بتعاليمه المتعلقة بجميع مجالات الحياة البشرية من السياسة الى الإقتصاد و من الأسرة الى التعليم و من البيئة الى العلاقات الدولية. و أهم من ذلك أن جميع النشاطات الإنسانية و البشرية تعتبر من الشعائر لدخولها فى مفهوم (العبادة).
يبدو و كأن ملف مشروع الإسلام المعتدل لم يطو بعد !!
أما قولك :(وعندما يمارس المتطرفون العنف في منطقة جبلية واحدة، يعرض ذلك الناس من وراء البحار للخطر. وعندما يتم ذبح الأبرياء في البوسنة ودارفور، يسبب ذلك وصمة في ضميرنا المشترك). فدلالته واضحة جدا على أن النظام الأمريكى لم يتخل عن مشروع الإسلام المعتدل لإهتمامك بذكر كلمة التطرف كثيرا و لكن متجنبا عن الإشارة الى علاقتها بسياسات الولايات المتحدة و تلميحا الى أن التطرف شأن المجتمعات الأسلامية أو المجتمعات الشرقية بشكل عام وظاهرة منتشرة فى خارج العلم الغربى و خارج الولايات المتحدة بالتحديد و لكن أى تطرف أكبر ، تطرف نظام بوش الإبن أم تطرف بعض المسلمين إن صح هذا التعبير؟ لأنه تعبير يتم استعماله بشكل عشوائى و من دون التمييز بين التطرف الحقيقى و بين المقاومة و الدفاع عن الحرية و النضال من أجل الإستقلال و الجهاد ضد الغزو و الإحتلال وكذلك الأمر بالنسبة لذبح الأبرياء ، أنت تتحدث عن ذبح الأبرياء فى البوصنة و دارفور متجنبا عن المذابح و المحارق التى تم ذبح و احراق آلاف الأبرياء فيها بيد الولايات المتحدة و إسرائيل فى العراق و أفغانستان و فلسطين و لبنان و غزة أخيرا بالإضافة الى مذابح أخرى فى القرنين الأخيرين فى مختلف أنحاء العالم .

هل لحق آلاف المسلمين الأبرياء المقتولين فى العراق و أفغانستان الأذى بأمريكا ؟

(يبين الوضع في أفغانستان أهداف أمريكا وحاجتنا إلى العمل المشترك. وقبل أكثر من سبع سنوات قامت الولايات المتحدة بملاحقة تنظيم القاعدة ونظام طالبان بدعم دولي واسع النطاق. لم نذهب إلى هناك باختيارنا وإنما بسبب الضرورة. إنني على وعي بوجود البعض الذين لا يزالون يشكّون في أحداث 11 سبتمبر أو حتى يقومون بتبرير تلك الأحداث. ولكن دعونا أن نكون صريحين: قام تنظيم القاعدة بقتل ما يضاهي 3000 شخص في ذلك اليوم. وكان الضحايا من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من أبناء أمريكا والعديد من الشعوب الأخرى والذين لم يلحقوا الأذى بأحد).
يا سيد أوباما أنت ترى فى عيون الناس القذى و عينك تطرف على الجذع و ذلك لأنك تتحدث عن المقتولين فى حدث 11 أيلول و تحتج على القاعدة بأن المقتولين كانوا أبرياء لم يلحقوا الأذى بأحد . حسنا ! فلنطبق نفس المنطق على المقتولين المدنيين الأبرياء من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال فى العراق و أفغانستان وباكستان و فلسطين و لبنان و غزة أخيرا ، هل لحق هؤلاء الأذى بأمريكا ؟ لا شك أن مركزية الذات هى التى أوقعتك فى مثل هذا التناقض الواضح و الإزدواجية الوقحة لا غير !!! و على هذا المنطق الإزدواجى :

يذكر اوباما الأسلحة النووية وامتلاك إيران لهذه الأسلحة وذكر انه ضد هذا الامتلاك لأي دوله من الدول وانه سيسعى لمنع انتشار هذه الأسلحة وقال انه على علم ان البعض يتساءل أو يرفض امتلاك دول للأسلحة النووية الأخرى ويرفض مطالبه أمريكا من إيران التخلي عن سلاحها النووي وقال اوباما انه سوف يحد من هذه القضية وسيسعى لمنع كل الدول الكبرى أو الصغرى من امتلاك النووي ..لنقف هنا ونتساءل أليس غريبا ان يبدؤوا بمنع إيران كدولة إسلامية من امتلاك السلاح بينما يؤخر الدول الأخرى الي اجل غير مسمى!!؟.. اعتقد أن التاريخ يعيد نفسه بالنسبة لهذه الوعود الكاذبة إنها من الخدع المتكررة على التاريخ العربي والإسلامي فانا على يقين أن مطالبه الدول الأخرى او الكبرى للتخلي عن سلحها النووي لن يتعدى الكلمات الظاهرية على عكس مطالبه إيران التي قد تصبح فعليه أكثر..تدافع أمريكا بالماضي لتستمرالى الحاضر وعبر خطاب اوباما فهو يعيد ذكره باهتمام أمريكا بحقوق الإنسان ولكني أظن ان اهتمامهم بحقوق الإنسان ومدافعتهم عن الكثير من القضايا في سبيل تحقيق العدالة والمساواة وهذا شيء لا يمكن إنكاره إنما هو تغطيه عن ما قامت به أمريكا من مؤامرات وتظلمات ضد الإنسان المسلم .
وأن يمتلك الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين بمساعدة الأمريكان والفرنسيين والبريطانيين ترسانة هائلة من السلاح النووي ، فذاك حق مقبول للولايات المتحدة الأمريكية و في العقلية الغربية
أما أن يكون لإيران المسلمة برنامج نووي سلمي فذلك تهديد غير مقبول للسلام والأمن العالمي..!
أن تحتجز الإدارة الأمريكية المتصهينة وتعتقل آلاف المعارضين لسياساتها العدوانية في معتقلات غوانتنامو وباغرام وأبو غريب وعشرات السجون السرية في بلدان أوروبية وعربية فذلك حق مقبول لأمريكا و في العقلية الغربية .
أن يعربد علوج الصهاينة صباح مساء فيغتالوا الفلسطينيين واللبنانيين ويدمِّروا بيوتهم ويقتلعوا أشجار زيتونهم ويأسروا أكثر من عشرة آلاف فلسطيني وفلسطينية فذلك حق مقبول للصهاينة في العقلية الأمريكية والغربية .
أما أن ينتقم فلسطيني أو فلسطينية لدماء أهله التي يسفكها علوج الصهاينة بالصواريخ الأمريكية الصنع فذلك إرهاب وعنف غير مقبول في العقلية الأمريكية و الغربية المتصهينة.
وأن يحتل علوج الامريكان والبريطانيين والدنماركيين وغيرهم العراق وينشروا الموت والخراب والدمار فيه، وينهبوا نفطه وآثاره، ويدمروا حضارته الممتدة لآلاف السنين فذلك حق مقبول في العقلية الأمريكية و الغربية .
أما أن يقاوم شرفاء وشريفات العراق هذا الاحتلال فذالك إرهاب وعنف غير مقبول في العقلية الأمريكية و الغربية .
أن توصل صناديق الاقتراع بوش وشارون وبلير وبرلسكوني وشيراك وميركل إلى السلطة فتلك ديمقراطية مقبولة في العقلية الغربية .
أما أن توصل صناديق الاقتراع حركة المقاومة الإسلامية „حماس“ إلى السلطة فذلك سوء اختيار غير مقبول في العقلية الغربية المتصهينة.
أن يسمح الأمريكان والأوروبيون لمئات وربما لآلاف الفضائيات الإباحية ولمئات الفضائيات المتخصصة بمهاجمة الإسلام وتشويه صورة المسلمين بالوصول إلى كل بيت في أرجاء الكون فتلك حرية تعبير ورأي مقبولة في العقلية الغربية .
أما أن تتجرأ قناة المنار مثلا على بث مسلسل يفضح الوحشية الصهيونية تستدعي منع المنار من البث إلى أمريكا و أوروبا فذلك معاداة للسامية غير مقبولة ..!
اعلم أن كل هذه المحاولات التى تعتمد على الإزدواجية و اللامبدئية من أجل تبرير سياسات الولايات المتحدة لن تجدى أبدا لتحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية لدى المسلمين بل ستؤدى الى استقرار صورة الأمريكة اللامبدئية فى الأذهان بحيث لا يغيرها أحد الا الله .

عدم البقاء لا يعنى عدم التدخل و الإحتلال
(ولا بد أن تكونوا على علم بأننا لا نريد من جيشنا أن يبقى في أفغانستان، ولا نرى أو بالأحرى لا نسعى لإقامة قواعد عسكرية هناك. خسائرنا بين الشباب والشابات هناك تسبب لأمريكا بالغ الأذى. كما يسبب استمرار هذا النزاع تكاليف باهظة ومصاعب سياسية جمة. ونريد بكل سرور أن نرحب بكافة جنودنا وهم عائدون إلى الوطن، إذا استطعنا أن نكون واثقين من عدم وجود متطرفي العنف في أفغانستان والآن في باكستان والذين يحرصون على قتل أكبر عدد ممكن من الأمريكيين. ولكن لسنا واثقين من ذلك بعد).
كلامك هذا أيضا بعيد كل البعد عن أن يكون مقنعا لأن الممارسات تختلف عن الوعود كما هو الملاحظ فى أمر أفغانستان و العراق لما هو معلوم للجميع بأن الولايات المتحدة الأمريكية سترسل جيوشها المحتلة من العراق الى أفغانستان و من المعلوم أيضا بأن أوباما طلب من حكومة أردوغان 1000 جندى مقاتل لإرسالهم الى أفغانستان . هل يمكن وصف هذه الخطوات بأنها سلمية ؟
و أما دعواكم بأنكم لا تسعون لإقامة قواعد عسكرية فى أفغانستان ، فالذى عنده أدنى خبرة فى السياسة الأمريكية الإستعمارية يعرف جيدا بأن الولايات المتحدة تملك من قواعد عسكرية متوزعة على مختلف أنحاء العالم ما يغنيها عن قاعدة عسكرية فى أفغانستان.
و لكن المؤشر الحقيقى على تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن السياسات العدوانية على فرضها تقديرها هوسيكون إنسحابها من جميع الأراضى التى إحتلتها و إغلاق جميع القواعد العسكرية خارج أراضيها علما بأن التدخل أو الإحتلال العسكرى لا يتوقف على تواجد قاعدة ما ، ما دام هناك عدد كبير من القواعد العسكرية المتوزعة فى الشرق الأوسط و الأسيا الوسطى و أضف الى ذلك الصفقة التى تمت بين أمريكا و قيرقيزستان من أجل استخدام قاعدة عسكرية جوية بماناس مقابل 60 مليون دولار أمريكى . هل تبقى- بعد كل ذلك -لكلام أوباما مصداقية ؟؟

محاولات غير مجدية لإضفاء الشرعية على السياسات الأمريكية العدوانية !

وللإشارة الى أنكم لا تتحركون على وحدكم تقول : ) ولذلك نتعاون في إطار الشراكة مع تحالف دولي يضم 46 بلدا( ناسيا أو تناسيا أن الرأى العام العالمى معارض لسياسات الولايات المتحدة العدوانية و الإستعمارية معارضة صارمة و لذلك قلما تجد شعبا أو مجتمعا مؤيدا لسياساتها سوى بعض النظم المرتزقة من قبلكم و لكن شعوب العالم بأغلبيتها الساحقة رفضت و لا تزال ترفض مثل هذه السياسات حتى الشعب الأمريكى نفسه . أما التحالف فأمر مصطنع لإظهار تحالف شكليا و ذلك لإن الدول العميلة معكم لم ترسل من العسكر الا عددا ضئيلا ورمزيا و بالتالى لا يمكن أن يوصف هذا التحالف الرمزى تحالفا حقيقيا حتى يصح الإحتجاج به على شرعية السياسات الأمريكية العدوانية و الإستعمارية .

إختفاء أكبر دولة متطرفة وراء كلمة “ المتطرفين “ الغموضة و الضبابية ؟
فكما تعودنا من خطابات و بيانات بوش الإبن و أعوانه من الصقور على استغلال كلمة التطرف و المتطرفين ، أنت لم تزد عليها غير الروتوشات التجميلية بوضع بعض الآيات من القرآن الكريم بين جملك:

(وينص القرآن الكريم على أن مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ]أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ[ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا. (تصفيق)، كما ياتي في القرآن الكريم أن مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. (تصفيق) ولا شك أن العقيدة الثابتة التي يتمتع بها أكثر من مليار شخص تفوق عظمتها بشكل كبير الكراهية الضيقة الكامنة في صدور البعض. إن الإسلام ليس جزءا من المشكلة المتلخصة في مكافحة التطرف العنيف، وإنما يلعب الإسلام دورا هاما في دعم السلام.)

و لكن المنطق أو اللامنطقية التى خلفها لم تتغير بسبب داء مركزية الذات و اللامبدئية و الإزدواجية ، لأنك تتحدث عن خطورة جريمة قتل الأبرياء فى الإسلام احتجاجا على من قام بأعمال ضد ممارسات أمريكة العدوانية و المستعمرة و تنس نفسك رئيسا لأكبر دولة تمارس العنف فى العالم كله كوسيلة سياسية ، واضعة الحقوق الإنسانية و القوانين الدولية بجانب . و بالرغم من كل هذه التناقضات و اللامبدئية فلنطبق الآيات المذكورة على من قام بأعمال ضد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية و على النظام الأمريكى على حد سواء :
من يستحق اللوم و الإدانة و الإستنكار حسب هذه الآيات ؟ الذين قتلوا و تسببوا الى قتل مئات آلآف من الأبرياء (النظام الأمريكى) أم الذين قتلوا أقل بكثير مما قتل النظام الأمريكى ؟ ثم و لماذا تتهم المسلمين أو تومئ اليهم و تنس نفسك و تبرئ نظامك ؟ و على صنيعك هذا لا يصدقك أحد و لو ختمت القرآن كلها أثناء خطابك.
ثم هناك فارق كبير بين قتل النظام الأمريكى بمئات آلاف من الأبرياء و هو معتد و محتل و مستعمر و بين من قام من المسلمين بأعمال ضد أمريكا و إسرائيل و ذلك لأن الأول معتد و محتل و أما الثانى تقاوم على هذا العدوان الوحشى و الإحتلال الغاشم كما هو الأمر فى العراق و أفغانستان و فلسطين ولبنان و غزة . ثم أنظر الى كم قتل إسرائيل من المدنيين الأبرياء فى غزة و الى كم تسبب المسلمون من قتل اليهود ؟ هناك فارق كبير جدا جدا. أنت يا أوباما لو طبقت الآيات على الجانبين و لربما كنت أقل إنحيازا و لكن طبيعة النظام الأمريكى المستبد و مركزية الذات الغالبة على العقلية الأمريكية لم تسمح لك أن تعترف بالحقائق و تراعى مبدأ الإنصاف على الأقل .
نعود و نسأل بعد هذا التعليق : أيها النظام الأمريكى ! كم مرة قتلتم الناس جميعا ، على حد قول الله تعالى؟؟؟
و أما الكراهية الكامنة التى تتحدث عنها ليس بمقصور على المتطرفين على حد قولك بل المضطهدون و المظلومون و الذين احتلت بلادهم و نهبت ثرواتهم من قبل النظام الأمريكى ، كل هؤلاء الجماهير يكرهون الولايات المتحدة بسبب ممارساتها العدوانية و الإستعمارية و لذلك لا يمكن حصر الكراهية على المتطرفين فقط ، بل هناك قطاعات أوسع و جماهير أكثر بكثيرمن المتطرفين يحسون نفس الكراهية فى أنفسهم ، بل و يصرحون بذلك و للتأكد من ذلك يرجى الإطلاع على ما أجري من إستطلاعات فى عدد من المجتمعات الإسلامية و على الإستطلاعات التى أجريت فى بلدى تركيا بالتحديد . أ ليس من الطبيعى أن تكره الجماهير نظاما أنالهم شتى أنواع الأذى كنظام الولايات المتحدة الأمريكية؟ لا شك أن النظام الأمريكى مدرك أسباب هذه الكراهية و البغض و لكنه يتجاهلها عن وعى لكى يتمكن من إلصاق التهمة الى جبهة المعارضة و المقاومة ضد السيادة الأمريكية المزعومة .
و من هذا المنظور يتضح أنه لا حاجة لنا أن نسألكم عن دور الإسلام المتوقع من قبلكم لأنكم تريدون إسلاما مستسلما لمصالح أمريكا و هو الذى سميتم أنتم باسم “ الإسلام المعتدل“ و لكنه إسم سميتموه أنتم و آباؤكم و ما أنزل الله به من سلطان!!!
وأما ما أشرتم اليه من أن النظام الأمريكى أنفق مليارات دولار أمريكى على باكستان و أفغانستان و لا نشك فى أنها رشوة سياسية ليلعب الحكام دور „القرود الثلاثة “ أمام ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية ، القمعية و الاستعمارية و التدميرية و الإبادية لتصفية جبهة المعارضة و المقاومة فى المنطقة .

لا جديد فى كلام أوباما حول إحتلال العراق !

لأن ما قاله أوباما بشأن العراق هو نسخة طبق الأصل لما قال بوش الإبن سابقا ولا يصدقه إلا المرتزقة و العملاء و الأقلام المأجورة للنظام الأمريكى لأن الجميع يعرف جيدا بأن الحكومة العراقية و الدستور العراقى و القوانين العراقية إنما تمت تشكيلها و صياغتها فى ظل توجيهات قوات الإحتلال ضمن قرارات النظام الأمريكى و هل من الممكن أن يصنع برلمان قرارا ضد مصلحة المحتل أو رغم إرادته ؟ إلا أن تكون هناك صفقة أو إتفاق بين قوات الإحتلال و بين الحكومة العميلة على أساس المصلحة المتبادلة ولكنه لا يمكن أن ندعى بأن العراق بلد حر و أن الإنتخابات تمت بشكل حر و أن الحكومة العراقية لها سيادتها فى العراق ما دام الإحتلال قائم و مستمر .

الطاغية أمريكا أفضل من الطاغية صدام؟

و هناك دعوى آخر من أوباما ، مضحك من جانب و مذهل من جانب آخر ألا و هو أن العراقيين أفضل حالا لأنهم الطرف الكاسب من الإحتلال لتخلصهم من الطاغية صدام الحسين !!! هذا كلام مضحك جدا لأن طغيان صدام لم يبلغ الى درجة طغيان أمريكا بدليل أن العراقيين كانوا فاقدى الحريات أثناء حكم صدام بجانب تمتعهم بالمعيشة المحترمة و بمزاولة أعمالهم اليومية و تمتعهم بدرجة عالية و منتشرة من المستوى التعليمى و لم يكن هناك أية إنقطاع للكهرباء و لا البنزين و لا المياه و كان الأمن يسود البلد و لو كان أمنا نسبيا بالنسبة للمعارضين لنظام صدام و باختصار كان هناك معيشة و حرية و لو كان نسبيا . و أما بعد الإحتلال لا معيشة(الا للعملاء) و لا حرية (أى حرية مع الإحتلال؟) و لا أمن و لا كهرباء و لا ماء و لا بنزين و لا تعليم و لا كرامة للإنسان .هذا الكلام من أوباما أمر مذهل جدا لا يملك إنسان أن يتساءل : أ تستهزىء بنا يا أوباما؟؟؟
مساعدة خيرية و انسانية أم استعمارية ؟
و تواصل كلامك و تقول بأن من مسؤولية أمركا أن تساعد العراق فى بناء مستقبل أفضل . أسألك يا أوباما : هل ستكون هذه المساعدة مساعدة خيرية و بدون أجرة أم مساعدة عن طريق الشركات الأمريكية مقابل امتصاص دماء أو بترول العراقيين؟
مأ أبقيتم فى العراق شيئا حتى تطالبوه !
و تقول (وإنني أوضحت للشعب العراقي أننا لا نسعى لإقامة أية قواعد في العراق أو لمطالبة العراق بأية من أراضيه أو موارده) غير أن هناك معلومات استخبارية حول إنشاء قاعدة عسكرية جوية فى مدينة أربيل شمال العراق ، و على هذا، من نصدق : النظام الأمريكى الذى فقد ثقة الناس به أم المعلومات الواردة من المنطقة؟
و أما على قولكم بأنكم لا تسعون لمطالبة موارد العراق فنقول: هل أبقيتم فى العراق شيئا حتى تطالبوه ؟ و على فرض وجودها بأى حق و سلاحية ستطالبونه ؟؟؟
بدون تعليق !
(إن متانة الأواصر الرابطة بين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع. ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبدا، وهي تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية وكذلك الاعتراف بأن رغبة اليهود في وجود وطن خاص لهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه). طلما تعترف استسلامك للسياسات الصهيونية بكل الوضوح فلا مجال لمناقشة القضية الفلسطينية بحال ، لأنك رئيس منحاز لدولة منحازة ! و لربما فى هذا التصريح و الإعتراف أكبر و أقوى دليل على أن سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم الاسلامى و القضية الفلسطينية بالتحديد لم يتغير و لن يتغير أبدا!
بل أنت أعلنت بقولك ( وكذلك الاعتراف بأن رغبة اليهود في وجود وطن خاص لهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه.لقد تعرض اليهود حول العالم للاضطهاد على مر القرون، وتفاقمت أحوال معاداة السامية في وقوع المحرقة التي لم يسبق لها عبر التاريخ أي مثيل ) أنك متحمس فى تبنيك موقفا مؤيدا بموقف الصهيونية المتطرفة و لذلك لا داعى هنا لإطالة الكلام.
و بعد هذا الكلام كله تعود و تناقض نفسك و تقول (ولن تدير أمريكا ظهرها عن التطلعات المشروعة للفلسطينيين ألا وهي تطلعات الكرامة ووجود الفرص ودولة خاصة بهم). مع أنك أنت الذى أعلنت تبنيك لسياسات الصهيونية بحماس و من دون أن تنزعج من هذا الموقف الإنحيازى علما بأن اسرائيل هى المانعة الكبرى أمام تحقيق أهداف الفلسطينين التى تتحدث عنها !.
التسوية بين قضية الفلسطين و احتلال اسرلئيل : كيف؟؟؟
و لا تكتفى بذلك كله بل وتتصدى لتسوية وخيمة بين اليهود و الفلسطينيين قائلا: ( شعبان لكل منهما طموحاته المشروعة، ولكل منهما تاريخ مؤلم يجعل من التراضي أمراً صعب المنال، إن توجيه اللوم أمر سهل، إذ يشير الفلسطينيون إلى تأسيس دولة إسرائيل وما أدت إليه من تشريد للفلسطينيين، ويشير الإسرائيليون إلى العداء المستمر والاعتداءات التي يتعرضون لها داخل حدود إسرائيل وخارج هذه الحدود على مدى التاريخ).و بذلك توقع نفسك فى موقف حرج جدا أمام الرأى العام العالمى لأن الفارق بين مسألة اليهود و قضية الفلسطينيين شاسع بحيث إن الأول مجتمع محتل و غاصب وطاغ وأما الثانى مجتمع مظلوم و مغصوب أراضيهم و حرياتهم أحتلت أوطانهم و دمرت ديارهم و أقلعت أشجارهم و أتلفت بهائمهم و فرقت بين أحيائهم بجدران و لم يجدوا حيلة أمام السياسات الصهيونية القمعية التوسعية إلا اللجوء الى رمى الحجارة أو البندقية مقابل الدبابات و الأسلحة الثقيلة وأسلحة الدمار الشامل و الصواريخ المتطورة و الرؤوس النووية ذات قدرة مخففة و القنابل الإنتشارية المخففة .و إذا كان الأمر كذلك فكيف يجوز التسوية بين أمرين مختلفين تماما. فأما الألم الذى أصيب اليهود عبر التاريخ، فلماذا يدفع الشعب الفلسطينى فاتورة هذه الجرائم التى لا علاقة لها بها مباشرة أو بطريق غير مباشر ؟ وإذا كان هذا هو منطق الرئيس أوباما وا أسفاه للمواطنين الأمريكيين الذين صوتوا لصالح أوباما و حكومته !!!

إزدواجية فوق إزدواجية !
وإذا تحدثت عن إسرائيل تحدثت عنها وكأنها مجتمع متجانس و متكون من اليهود فقط بالرغم من وجود الفلسطينيين المسلمين و المسيحيين فيه و أما إذا جاء دور الكلام عن الفلسطينيين ففضلت التمييز بين المسلمين و المسيحيين بقولك (أما من ناحية أخرى فلا يمكن نفي أن الشعب الفلسطيني، مسلمين ومسيحيين) ، ولماذا؟
و أضفت الى قولك هذا، بأن الفلسطينيين (قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامة وطن خاص لهم) وكأنهم كانوا مهاجرين من بلاد أخرى و اللاجئين الى فلسطين و كأن فلسطين ما كان وطنا لهم عبر القرون ؟ فسبحان الله هل تعقل ما تقول يا سيد أوباما أم ينم هذا عن جهل مطلق بتاريخ الفلسطين و القضية الفلسطينية ؟؟؟
الحياء من الإيمان !
روى عن رسول الإسلام محمد (ص) أنه قال هذا الكلام الذى أصبح على مر الزمان حكمة و مبدأ أخلاقيا على ألسنة الناس و لكنه فى الحقيقة كلام يصلح أن يكون مبدأ أخلاقيا لمؤمنى جميع الأديان السماوية و أعتقد أنه يصلح لك أيضا باعتبار أنك مسيحى . و إذا كنت موافقا على ما ذكرت من أهمية مبدأ الحياء فعليك مراجعة ما يلى من قولك:(يجب على الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف، إن المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ولا يؤدي إلى النجاح). لأن الذى قلته لا يجوز أن يقوله أحد مؤمن بالله و عنده حياء ، علما بأن الإنحراف عن الموضوعية و العدل و الإنصاف ليس من شيمة من يؤمن بالله و عنده حياء من الله و من عباد الله و أما أن تطالب الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف و المقاومة عن طريق العنف و القتل و أن لا توجه نفس الإنتقاد الى اليهود ، فأمر فى غاية القساوة و الظلم ، لأنك إختلط عليك أمران : المقاومة و العنف . و من جانب آخر أن خطاب العنف و الإرهاب خطاب مسيس و موجه الى الحركات التحررية و المقاومة المسلحة لتغطية العنف أو الإرهاب الذى يمارسه المحتل نفسه كما فعله و يفعله أسرائيل و أمريكا و الدول الأخرى المستعمرة . و بهذا الإعتبار لا يجوز أن يقول مثل هذا الكلام من كان عنده خردل من إيمان و حياء !.
مقاربة منتشرة و لكنها سطحية للغاية !
و لعل من أكثر المقاربات السطحية إنتشارا ، مقاربة ظاهرة العنف و الإرهاب من جانب واحد و هو جانب المحتل غالبا و ذلك لتغطية العنف و إرهاب دولة منظم الذى تمارسه الدول المحتلة نفسها كوسيلة لإملاء سياساتها على الدول و المجتمعات المعارضة و المقاومة . و لكن الأخطر من ذلك هو التحدث عن العنف و الإرهاب بشكل متواصل و بكل وسيلة دون تطرق الى أسبابها و دون حاجة الى دراستها . الأمر الذى يؤدى الى استمرارية المشكلات دون حل دائم كما هو الوضع فى جميع الخلافات السياسية و التوترات الإجتماعية و لذلك الكل يتحدث عن العنف كما تحدث أوباما عنه و لكن لا أحد ـ لا أوباما و لا غيره – يحاول أن يخترق جدار الجهل بأسباب العنف لكى يقدم حلولا صالحة للأطراف المتنازعة .

ذروة السطحية مرة أخرى : التسوية بين فلسطين و إسرائيل !
ربما جميع مقارباتك حول مقارنة فلسطين و إسرائيل تعتمد على تسويتهما دون انتباه الى الفارق الكبير بينهما و هو أن فلسطين وطن محتل و الفلسطينيون مطرودون و مقهورون و متشردون و ليسوا محتلين و لا مستعمرين و لا طغات خلاف إسرائيل ، فإنها محتلة و مستعمرة وطاغية و إرهابية بكل ما لهذه الكلمات من معانى و من أجل ذلك لا يحق لا لك و لا للإسرائيليين ان تتلفظ كلمة “ العداء و الأعتداء “ كما تتلفظ أنـت خلال خطابك بقولك التالى: (إذ يشير الفلسطينيون إلى تأسيس دولة إسرائيل وما أدت إليه من تشريد للفلسطينيين، ويشير الإسرائيليون إلى العداء المستمر والاعتداءات التي يتعرضون لها داخل حدود إسرائيل وخارج هذه الحدود على مدى التاريخ).
كلام يتجاوز حد المعقول: تحميل ذنوب الغير على الفلسطينيين ؟؟؟
أغرب من ذلك أنت تذكر فيما سبق من كلامك الأعتداءات التى تعرض لها اليهود على مدى التأريخ . و الذى عنده أدنى مسكة من عقل أو الذى له أدنى معرفة بالتاريخ ، لا يشك فى بطلان هذا المنطق و هذه العقلانية الفاسدة و لا شك أن مثل هذه المحاولات منك و من غيرك غير مجدية ، بل مسيئة الى سمعتكم إن كانت للولايات المتحدة و اسرائيل سمعة طبعا ! ! !

ما دام طريق العنف طريق مسدود و لما ذا تسلك فيه أنت بالذات؟

و يقول أوباما بأن طريق العنف طريق مسدود و لكنه ينسى أو يتناسى بأن الولايات المتحدة و اسرائيل تأتيان فى أول القائمة التى فيها أسماء من استخدم العنف و الإرهاب كوسيلة لإملاء سياسياتهما لتحقيق أهدافهما الاستعمارية .أ فلا ينبغى للولايات المتحدة و اسرائيل أن لا يسلكا فى هذا الطريق المسدود ليحق لهما التوصية بذلك و ليتأسى بهما الآخرين ؟
وعلى تنظيم حماس أن يضع حداً للعنف و ما ذا على اسرائيل و الولايات المتحدة ؟
و تنصح لحماس بأسلوب متعالى و متحكم أن يضع حدا للعنف و تقول (ويتعين على تنظيم حماس أن يضع حداً للعنف ) و لكنك لا تنصح لنفسك و لا لإسرائيل نفس النصيحة و لو بأسلوب أخف و ضمنى . هل يليق مثل هذا الإسلوب بأى رئيس دولة فضلا برئيس دولة تزعم لنفسها الديموقراطية الكاملة ؟ أين هذا الأسلوب من الديموقراطية و متى أصبحت الإزدواجية من سمات الديموقراطية؟
غياب مسالة حق اللاجئين الفلسطينيين للعودة الى أراضيهم !
نعم أنت تتحدث عن حق البقاء لليهود و الفلسطينيين و لكن لماذا لا تتطرق فى خطابك الى حق اللاجئين الفلسطينيين للعودة الى أراضيهم ؟ و أين هذا من الإنصاف و العدل ؟ انت تعارض على إنشاء مستوطنات جديدة ولكنك لا تذكر المستوطنات التى تمت إنشاؤها حتى الآن لا ايجابا و لا سلبا ؟ أين هذه الممارسات الظالمة و الغاصبة من الشرعية ؟ و لماذا لا تدافع عن حق اللاجئين الذين يعيشون فى المخيمات فى أسوأ حالات الفقر و البؤس ؟ و نحن نعلم جيدا بأن استسلامك للصهاينة يمنعك من التحدث عن مثل هذه المسائل التى تؤدى حتما الى غضب اليهود الصهاينة .

أيهما أكبر : تخوف و غضب ألأمريكيين أم تخوف و غضب العراقيين و أفغانيين و الفلسطينيين؟؟؟
كعادتك تعيد كلاما نمطيا عن العنف والتطرف و تحاول تبرير موقفك منهما بحدث 11 أيلول و تقول :
(وأخيرا مثلما لا يمكن لأمريكا أن تتسامح مع عنف المتطرفين، فلا يجب علينا أن نقوم بتغيير أو إهمال مبادئنا أبدا. قد ألحقت أحداث 11 سبتمبر إصابة ضخمة ببلدنا، حيث يمكن تفهم مدى الخوف والغضب الذي خلفته تلك الأحداث) و لكن باسم المبدئية و الإنصاف و الموضوعية أسألك : هل خطر ببالك التخوف و الغضب و البؤس التى خلقها إحتلال و تدمير العراق و أفغانستان و فلسطين و لبنان من قبل قوات الولايات المتحدة و إسرائيل ؟ و هل أنت مدرك الفرق الشاسع بين الأمرين؟ : إنما أصيبت إثنين من ناطحات السماء فقط و راحت عدة آلاف ضحية فى حدث 11 أيلول و أما قضية احتلال العراق ، أنتم دمرتم بلدا بكامله و سلبتم ثرواته و تسببتم الى قتل أكثر من مليون نسمة . وكذلك الأمر بالنسبة لإحتلال أفغانستان و فلسطين و لبنان لو كان عندك أدنى موضوعية و الإنصاف لما أخفيت هذه الحقائق .أين هذا من الأخلاق و الوجدان و الإنصاف و الموضوعية؟
هل هناك خطر على الأمة الإسلامية أكبر من الولايات المتحدة؟
ثم تعود وتتجرأ على التحدث عن الشراكة بينكم و بين المجتمعات الإسلامية التى تزعم أنها يحدق بها خطر العنف و الإرهاب قائلا:( وسوف نقوم بذلك في إطار الشراكة بيننا وبين المجتمعات الإسلامية التي يحدق بها الخطر أيضا) و لكن يبدوا و كانك مصر على تغطية الحقائق التى ضد مصالحكم بمحاولات يائسة من مبالغة و تفخيم و تضخيم لأمور جانبية كما هو شأن كل من إتخذ البراغمانية مسلكا و منهجا فى السياسة و إليك بعض معلومات عامة لتحدد أنت بنفسك : أى خطر أكبر؟ خطر الولايات المتحدة الأمريكية أم خطرالذى يحدق المجتمعات الإسلامية على حد تعبيرك؟ يكفى أن نسأل سؤالا بسيطا للغاية : كم تسبب الولايات المتحدة من القتل و الإبادة و التدمير و السلب و النهب فى العالم الاسلامى و كم تسبب بعض عصابات و منظمات مظلمة من هذه الأضرار؟ إن كان الجواب قد إلتبس عليك فإليك الجواب: الفرق بين الخطرين شاسع ، لأن الخطر الداخلى (إن صح التعبير) لم يبلغ الى درجة تدمير بلدان بكاملها و لكن الولايات المتحدة ناجحة كل النجاح فى هذا الإتجاه دون منافس فى العالم أجمع !!!( عدد القتلى أكثر من مليون و نصف و عدد المهاجرين و المهجرين خمسة ملايين عراقى !!!)

إستغلال لا يعرف الحدود : حتى استغلال قصة الإسراء؟؟؟
أنت لا تقف عند حد فى البراغماتية و تواصل تقديم بعض عناصر التراث الإسلامي تبعا لموقفك السياسى السلمى المزعوم فى صورة تخدم مصالحك و أهدافك و لكن حرصك على الوصول الى هذه الأهداف المنشودة يعمى بصرك و ينسيك أن الأنبياء( عليهم السلام ) الذين ذكرتهم و الدين الذى كانوا يدعون الناس اليه كان دين سلام أساسا و لكنهم كانوا يدعون المؤمنين الى المعارضة و المقاومة والجهاد و القتال و بذل النفس و المال فى سبيل الله أيضا و ذلك من أجل الوقوف ضد نظم الشرك و الظلم و الطغيان و من أجل الدفاع عن المبادئ و القيم التوحيدية مثل الأرض و الحريات و الحقوق الأساسية و ما كانوا ، لا هم و لا مؤمنيهم ، مستسلمين للمحتلين و المستبدين و المستعمرين و الطغاة فى تلك الأحيان ، لأن الصلح و السلام و إن كانا قيما أساسية فى تعاليمهم فإن العدل و الحرية و الحقوق الأساسية و الجهاد من أجلها فهى أيضا من القيم الأساسية لا تقل أهميتها و قيمتها عن السلام و الصلح و بتعبير أدق فإن الدين الذى بلغوا به الى الناس ليس بدين سلام فقط ولكنه دين سلام و حرب ، دين سلام مع المسالمين و لكنه دين حرب و جهاد و قتال و استشهاد ضد من حارب الله و رسله و المؤمنين من المشركين و الكفار و الطغات و المستعمرين و المحتلين مثل الصليبيين القدامى و الجدد و مثل الصهاينة الذين لا يعترفون بسيادة القانون الدولى و لا بالديموقراطية و لا مبدأ حق تقرير المصير و لا الحقوق الأساسية للإنسان و لا القيم الأخلاقية العالمية ! فعليك إذن أن تلتزم الموضوعية و أن تتجنب إراءة إحدى وجهى العملة و أن لا تكتفى بتسويق السلام فقط و أن تصاحبه دعوتك الظلمة الى الإنتهاء من ظلمهم و الطغاة من طغيانهم و المستبد المحتل المستعمر من ممارساتهم غير الإنسانية و الأخلاقية و الدينية أيضا!

المتسلح يدعو الى عدم التسلح !
و من غير المعقول و المقنع أيضا ، إصرار الولايات المتحدة و رئيسها الجديد على عدم تسلح بعض دول أخرى مثل ايران و كوريا و غيرهما بعيدة عن الموضوعية و الإنصاف و العدل و بالتالى فاقدة قدرتها على إقناع الآخرين فى مسألة عدم التسلح باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هى أكبر دولة تمتلك أكبر كمية من الأسلحة النووية إضافة الى ما تمتلك من الأسلحة التقليدية و من أسلحة الدمار الشامل و غير ذلك من الأسلحة . و لو كان هناك صبيا أو طفلا لفطن أن ما قاله أوباما (اتساء بسائر الرؤساء السابقين) كلام لا يصدقه أحد و لا يؤمن بمصداقيته من عنده مسكة من عقل و ذكاء و لأدرك انه نابع من الشعور بمركزية الذات و بكلمة واحدة لا يمكن تفسير صنيع أوباما هذا إلا بعدم جدية و بإستخفاف عقول الناس و الإستهزاء بذكائهم !!!
و أما ما هو جدير برئيس دولة تريد سلاما عالميا حقا فأمر بسيط و هو إيقاف التسلح أولا ثم تطهير الأرض من الأسلحة النووية كلها بدء من نفسها و مرورا بدول أوروبية و وصولا الى كوريا و إيران على فرض أنها تحاول أن تصنع أسلحة نووية !!
لماذا تتجنب أن تتلفظ اسم دولتك عند مناقشة مسألة التسلح النووى مقابل حرصك على ذكر إيران ؟
تقول (إنني مدرك أن البعض يعترض على حيازة بعض الدول لأسلحة لا توجد مثلها لدى دول أخرى، ولا ينبغي على أية دولة أن تختار الدول التي تملك أسلحة نووية، وهذا هو سبب قيامي بالتأكيد مجددا وبشدة على التزام أمريكا بالسعي من أجل عدم امتلاك أي من الدول للأسلحة النووية).و لكنى لماذا أراك منزعجا من مثل هذه الإعتراضات ؟ الجواب واضح و فى غاية البساطة : لأن الولايات المتحدة متعودة على أن يتعامل الدول و المجتمعات الإخرى و خاصة الدول و المجتمعات المعارضة لسياساتكم المستعمرة معاملة صغار لا يفهمون شيئا ، ولأنكم بسبب إستعلائكم على سائر الناس تغترون بذكائكم و تنسون احتمال وجود الآخرين أذكى منكم و أعقل و إذا واجهتم سؤالا بسيطا أو اعتراضا معقولا من هؤلاء تلجؤون الى العبث بالكلمات كدليل على مفاجئتكم وعدم حيلتكم كما هو واضح فى أمر هذا الإعتراض ، و لذلك تحاول الولايات المتحدة دائما فى مثل هذه المواقف أن تخفى نفسها و توجه أنظار الناس الى أعدائها ، غير أن كل ملاحظ فاطن فى جميع أنحاء العالم يتأكد من أنكم تعاملون الناس معاملة متخلف عقليا و لكن التطورات أثبتت و ستثبت بأن المتخلف عقليا ليس من اعترض على سياسة أمريكا النووية ، بل هم أثبتوا ذكاءهم و فطنتهم بهذا الإعتراض الصحيح و بهذه المعارضة الصحيحة !!!

كفاية ! شبعنا من وعظ الديموقراطية المزيفة !
تواصل كلامك و تلقى السامعين محاضرة حول فضائل و مزايا الديموقراطية و هذا ما كان يفعله الرؤساء الأمريكيين قبلك و لذلك ليس هناك شيء جديد و لكنى أسألك جدلا : هل أنت و نظامك مستعد و راض لتقبل النتائج العملية و الإمتدادات المنطقية و المفارقية للديموقراطية؟ و اذا كان جوابكم “ نعم “ فإليكم بعض نتائجها العملية و المنطقية و المفارقية :
ما دام الديموقراطية تعنى إحترام إرادة الشعوب و المجتمعات ، و ما ذا ستكون النتيجة عند إختيار شعب نظاما غير ديموقراطى ؟ هل ستحترم إرادة الشعب أم نتفرض عليهم الديموقراطية ؟ و إذا كنتم موافقين على نتائج اللعبة الديموقراطية مهما كانت ، فلماذا لا تحترمون إرادة الشعب الإيرانى و الفنزويلى ؟
و إن كانت الولايات المتحدة حريصة على نشر الديموقراطية و ملتزمة مبادئها و لماذا و كيف قام بتشجيع و تأييد و دعم الإنقلابات العسكرية ضد الديموقراطية فى كثير من بلاد العالم و على رأسها بلدى تركيا ؟
و ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية عاشقة الديموقراطية و لما ذا و كيف ، أيد و دعم نظما ملكية و مستبدة فى العالم الاسلامى و غير الإسلامى و لما ذا تواصل حاليا على التعامل معها بالرغم من ممارسات الضغط و القمع و الإستبداد التى سائدة فى مثل هذه النظم الإستبدادية ؟
و أما نموذج الولايات المتحدة الأمريكية بالذات ، فهل بإمكان الشعب الأمريكى أن يتغلب على إرادة اللوبيات الصهيونية و لوبيات الرسمالية المتوحشة و على رأسها شركات النفط و الأسلحة ؟
ما دامت الولايات المتحدة متطوعة من أجل نشر الديموقراطية ، فلماذا لم تعل صوتها عند ما أسقطت الأحزاب الأسلامية من الحكم بعد وصولها اليه مراعاة بقواعد اللعبة ديموقراطيا ؟
كى لا أطيل الكلام أقول : إن الولايات المتحدة الأمريكية معروفة بتفضيل مصالحها على مبادئها وفقا لبراغماتيتها و هو نتيجة طبيعية أيضا بسبب طبيعة نظامها الرأسمالى لأن الرأسمالية لا بد و أن تكون مستعمرة أيضا للحفاظ على رأسماليتها و نمطها الإستهلاكية بجانب ما عندها من مركزية الذات . فإن كل محاولة من الولايات المتحدة الأمريكية فى سبيل نشر و دعم الديموقراطية مرهونة بمصالحها السياسية و الإقتصادية ، و لو خيرت الولايات المتحدة بين الإلتزام بالديموقراطية بجميع أبعادها و بين مصالحها السياسية و الإقتصادية ، فلا شك أنها تفضل مصالحها بدليل مواقف أمريكية لا تحصى فى الماضى و الراهن .الأمر الذى يجعل الخطاب الأمريكى من أجل الديموقراطية وسيلة للتوصل الى مصالحها فقط ، لا الغير !!!

الحرية الدينية ( للإسلام المعتدل فقط ) ؟
و من الجدير بالتذكير و التنبيه فى هذا المقام أن رأس الحرية الدينية هو الإحترام لأصحاب الأديان فى تحديد أركان و تعاليم دينهم و لذا تعتبر أى محاولة لتقديم الإسلام باسم الإسلام المعتدل أو باسم آخر مجردا عن أركانه مثل الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و الجهاد فى سبيل الله ، إخلالا للحريات الدينية ، بل و حتى تعديا لا يمكن قبوله بأى حال من الأحوال و لذلك أراك أن كل ما قدمت باسم الحرية الدينية من القضايا هى الزكاة و حرية التعبير الدينية و مشاريع تطوعية و حوار الأديان و إن كان الأخير يغلب عليه الجانب السياسى و لكن اللافت كأنك تطرقت الى بعض مسائل داخلية أمريكية متعلقة بالمسلمين هناك و لكن ما ذكرته إنما هى جزء بسيط جدا من أركان الإسلام ، بل هى أقرب الى أن توصف تقوسا و شعائر دينية و لكن الإسلام ليست عبارة عن بعض شعائر و تقوسات بل هناك أركان أخرى لا تقل أهمية من هذه الشعائر . و من أجل ذلك كله ما أصبحت تقدم رؤيتك عن الإسلام بشكل واضح و شامل حتى نأخذ فكرة عن موقفك من الحريات الدينية للإسلام و المسلمين و ذلك لأن المسيحيين كثيرا ما يقعون فى خطإ المقارنة بين المسيحية والإسلام كدين مع أن الفرق بينهما شاسع ، لأن الإسلام دين له تعاليمه الشاملة لجميع جوانب الحياة البشرية بدء من الفرد و مرورا إلى الأسرة و المجتمع و وصولا إلى العلاقات الدولية ، لأن الإسلام خطاب إلهى موجه إلى جميع البشرية الذين يعيشون على كوكبنا و بهذا الإعتبار يهتم بجميع القضايا المصيرية و المستقبلية للبشرية و يحمل على مؤمنيه مسؤولية الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و الجهاد فى سبيل الله من أجل الوصول الى أهدافها و على رأسها تطهير وجه الأرض من نظم وممارسات الظلم و الطغيان و العبودية و الإستعمار و الإحتلال و التدمير و الإبادة و النهب و القتل و التهجير و التشريد و القمع و الإستبداد و التمييز. و لذلك تشاهد المسلمين منذ أربعة عشر قرنا يمارسون هذه الواجبات بكل ما يملكون من قوة و وسائل كما يقاومون حاليا ضد الإحتلال الأمريكى (الصليبيين الجدد) فى العراق و أفغانستان و ضد الإحتلال الصهيونى فى فلسطين و يعلنون الجهاد عند كل محاولة أو ممارسة الإحتلال كما هو المشاهد فى كل من العراق و أفغانستان و فلسطين و غزة و كشمير و فى إحتلال آذربيجان والقبرص والبوصنة و الهرسك قبل ذلك كما قاموا بواجب الجهاد أثناء الإحتلال الأوروبى لجميع العالم الإسلامى فى القرني الثامن عشر و التاسع عشر وكذلك فى إحتلال الصليبيين للعالم الإسلامى قبل قرون . أقول هذا كله لتعلم أن الإسلام لا يعنى العبودية لله فقط و الخضوع لتعاليمه و الإستسلام لأوامره و لكنه بجانب ذلك يعنى المعارضة و المقاومة و النضال و الجهاد فى سبيل ضمان سيادة الخير على الشر و التوحيد على الشرك و الكفر و لسيادة العدل على الظلم و الحرية على الإستبداد و القمع و الإستقلال على الإحتلال و الحقانية على الإستعمار فى كل بقعة من بقاع الأرض و لذلك لا تجدون حيلة ـ لا أنتم و لا أنظمتكم الإستعمارية و لا أعوانكم و عملاؤكم من المسلمين و غير المسلمين ـ لتسلبوا من تعاليم الإسلام ما يعارض مصالحكم و مشاريعكم الإستعمارية باسم الإسلام المعتدل أو الإسلام الإوربى أو الحوار و التسامح أو حوار الحضارات ، لأنه لا حوار مع أصحاب النوايا الخبيثة من الظلمة و الطغاة على مستوى الأفراد و المجتمعات و الدول و المنظمات دونما انتهوا من ظلمهم و طغيانهم و لا تسامح للمستعمر و المحتل و الناهب و الغاصب و المدمر و المبيد من دون أن ينتهوا من ممارساتهم الشريرة و الخطيرة لمستقبل البشرية ، إلا أن يتوبوا و يعملوا صالحا !!!

حقوق المرأة : حصان طروادة أم نقطة ضعف للإسلاميين و الحركات الإسلامية ؟

و من القضايا الرئيسة و المفضلة لدى خصماء و أعداء الإسلام لإيثار التساؤلات فى الأذهان و لإتخاذها سيلة للضغط على الحركات الإسلامية ، قضية حقوق المرأة المسلمة و مقارنتها دائما بالمرأة الغربية كنموذج ينبغى أن يحتذى به . و ليس أوباما من أول من تكلم فى هذا الأمر و ليس أيضا ممن أتى بجديد فى هذا الأمر ولم يتجاوز أن تعيد الكلام النمطى المصنوع قبله و لكن واجب العلماء و المفكرين إلقاء الضوء على ما إلتبس على الناس ، بعيدا عن الإنحياز و ملتزما بالموضوعية . و من هذا المنطلق يجب علينا نحن المسلمين أن نعترف أولا بأن قضية المرأة المسلمة من القضايا الإسلامية المعاصرة التى تهم جميع المجتمعات الإسلامية بقدر ما تهم أعداء الإسلام من المستعمرين و غيرهم كسائر القضايا الإسلامية المعاصرة على حد سواء . إلا أنه يجب على الغرب المستعمر أن يعترف أيضا بأن إهتمامه بقضية المرأة المسلمة لها أسباب سياسية خالصة ، منها إتخاذها أداة للتغيير الإجتماعى ثم السياسى بتوجيه الرأى العام عن طريق تقديم صورة كاريكاتورية للمرأة المسلمة لزعزعة ثقة المسلمين و المسلمات بتعاليم دينهم . و ذلك باستخدام وسائل الإعلام و بتوجيه الدراسات و الكتابات فى الغرب حول قضية المرأة المسلمة . و من الجدير بالتنبيه أن المقاربات الغربية لقضية المرأة المسلمة معللة بمركزية الذات الغربية و خاضعة لأفكار مسبقة حول الموضوع . الأمر الذى يجعل مناقشة هذه القضية بشكل موضوعى و محايد أمرا متعذرا فى الأوساط الغربية و المتغربة وبالتالى يبقى الأمر قضية جدلية بين الأطراف المتنازعة سياسيا و أيديولجية دون تراجع الأطراف عن مواقفها . ثم هناك قضايا منهجية لا بد من معالجتها للوصول الى نتائج موضوعية و واقعية و منها الغفلة عن إختلاف البنية الإجتماعية عند الطرفين والجهل بطبيعة الإسلام عقيدة وشريعة و نظاما إجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا و لعل من أخطر الخطأ المنهجى هو تعميمات لا أساس لها حول قضية المرأة المسلمة فى المجتمعات الإسلامية المختلفة و لذا يعتبر الحجاب ـ مثلا ـ فى بعض الأوساط الغربية معيقا لحرية المرأة المسلمة و عاملا ميسرا لمشاركتها الإجتماعية عند الآخرين.
ثم لو كان عند أوباما شيئا من الموضوعية لعلم أن مقارنة المرأة المسلمة مع المرأة الغربية و الأمريكية بالتحديد لا تعتمد على أسس علمية و معطيات ميدانية و إحصائية سوى ما تقدمه الأوساط المنحازة من المعلومات الموجهة و المسيسة و قراآت منحازة للوصول الى أهادف سياسية كالضغط على المجتمعات و الحركات الإسلامية بحجة إنتهاكات حقوق المرأة و غير ذلك من القضايا النمطية .
نعم ، لا أحد يدعى بأن ليس هناك أى مشكلة بالنسبة لحقوق المرأة المسلمة و لكنها مشكلة تختلف من بلد الى آخر و من مجال الى آخر و من منظور الى آخر و بنسب متفاوتة . و الذى يتبنى موقف التفهم يدرك تماما بأن انتهاكات حقوق المرأة ظاهرة عالمية منتشرة فى مختلف مناطق العالم ، حتى فى المجتمع الأمريكى الذى يرى نفسه بريئا من مثل هذه الإتهامات ويتصدر دائما ليلقن الأمم درسا فى قضية حقوق المرأة حكومة و شعبا . لأن الدراسات و الإحصاآت تثبت بشكل واضح و جلى بأن الولايات المتحدة نفسها ليست بمعزل عن انتهاكات حقوق المرأة و لو بنسب مختلفة . و لنختبر نوعية و مستوى حقوق المرأة الأمريكية يكفى أن نطرح بعض الأسئلة التالية لتجيب أنت يا أوباما عنها بالذلت :
هل قيمة المرأة الإنسانية مساوية لقيمة الرجل الإنسانية عندكم ؟ و إذا كان جوابكم إيجابيا فكيف تفسرون ظاهرة العبودية الجنسية و ظاهرة توظيفها تجاريا كأداة دعائية جنسية فى الولايات المتحدة ؟ و هل عقوبة الإعدام تشمل المرأة أم لا ؟ و هل تملك أنت معلومات كافية عن انتهاكات حقوق المرأة التى إرتكبتها جيوش الولايات المتحدة فى مختلف مناطق العالم و فى أزمنة مختلفة؟ كم قتلتم من النساء و البنات فى الحروب الظالمة التى تشنونها دائما على الشعوب البريئة لأغراض إستعمارية ؟ كم نسبة التحريش الجنسى بين النساء العاملات و الطالبات عندكم؟ كم نسبة النساء المتعرضات للعنف ؟
هل هناك مساواة تامة فى الأجور بين الرجل و المرأة أم هناك تمييز فى الأجور بين الجنسين فى بلدكم؟
كم إمرأة عاملة أو غير عاملة و طالبة و راهبة تتعرض للتحريش الجنسى سنويا ؟ ثم ما هو مفهوم “ الحقوق “ عندكم ؟ هل هو شامل حق تأسيس العائلة و إنجاب الأولاد للمرأة و كم نسبة المرأة المتمتعة بهذا الحق الإنسانى الأساسى فى مجتمعكم ؟ و لما ذا تتفرجون فقط مآسى المرأة الإفريقية ولا تبذلون قصارى جهدكم باسم تعزيز حقوق المرأة لمساعدة النساء بجانب الرجال فى البلاد التى تئن تحت المجاعة و القحط فى إفريقية كمثال ؟ إن نسبة الجامعيات بين طلاب الجامعات % 65 فى إيران ، فكم النسبة فى جامعاتكم ؟ و ما الذى تنقص إيران مثلا من حقوق المرأة فى رأيكم ؟
و من الغريب أيضا أن تتطرق الى قضية حقوق المرأة عشوائيا دون ترتيبها حسب الأولويات وذلك أن المرأة المسلمة ، و كذلك غير المسلمة ، محرومات من الحقوق الأساسية مثل حق الحياة الكريمة و الحريات بكل أنواعها و إستقلال الوطن و حق تقرير المصير و حق العمل و حق العلاج فى كثير من البلاد الإسلامية و لا شك أن هذه الحقوق تأتى قبل حق التعليم و المشاركة السياسية . و من االعوامل المعيقة الرئيسة أمام تمتع المرأة المسلمة بهذه الحقوق ليست إلا سياسات الولايات المتحدة المستعمرة و احتلالها و تدميرها بشكل مباشر أو غير مباشر ، عددا من البلاد الإسلامية مثل العراق و افغانستان و فلسطين و غزة و باكستان أخيرا ، لأن عددا كبيرا من المدنيين الأبرياء و منهم النساء و البنات بالأخص راح ضحية ممارسات قوات الإحتلال الأمريكية ، فعن أى حقوق تتحدث للمرأة المسلمة بعد أن إحتليتم بلادهن و دمرتم بيوتهن و قتلتم أولادهن و و هتكتم أعراضهن و نهبتم أموالهن و هدمتم مدارسهن و خربتم مزارعهن . ثم عن أية حق المشاركة السياسية تتحدث للمرأة المسلمة و هى متعرضة لشتى ألوان الممارسات الوحشية و القمعية و الإستبدادية التى تطبقها قوات الولايات المتحدة فى مختلف مناطق العالم الإسلامى ؟ هل تعتقد أن المرأة المسلمة فى بعض البلاد الإسلامية تتمتع بالمشاركة السياسية بشكل حر و كامل و أرضها محتلة و مندسة تحت أقدام العدو و حرياتها مهددة من قبل المحتل ؟ هل أنت حقا جدى فى طرحك مثل هذه القضايا أم تمزح بنا و تضحك علينا بهذا الخطاب المتدهور و المتساقط ؟ أم أنت تستخف عقول الناس الى درجة قلب الحقائق و تشويه الصورة الحقيقية للقضايا التى تريد الولايات المتحدة إستغلالها لتحقيق مصالحها المستعمرة ؟
فلنأتى الى قضية حق التعليم و المشاركة السياسية على فرض أولوياتهما ، أليس الولايات المتحدة هى التى تحالفت و دعمت بعض النظم المستبدة التى منعت المرأة من حق التعليم و المشاركة السياسية فى بعض البلاد الإسلامية ؟ ثم أنت تتطرق خلال خطابك قضية حجاب المرأة المسلمة و تقدمها كأنها شاملة لجميع المجتمعات الإسلامية بالرغم من أنها قضية منحصرة على بعض الدول الإسلامية التى إتخذت العلمانية المتطرفة إيديولوجية للدولة و ذريعة للضغط على الحركات الإسلامية مثل تركيا و تونس و لعلك لا تجد بلدا ثالثا قام بانتهاك حق الحجاب للمرأة المسلمة ! و هل تهميشك و إقصاؤك القضايا الرئيسة و إهتمامك بما دونها نتيجة طبيعية لبراغماتية و إزدواجية السياسة الأمريكية؟

الحداثة أم التبعية للرأسمالية العالمية المتوحشة ؟

إن خطابك تتخللها بشكل متواصل كلمات التقدم و الرفاهية و الفرص الإقتصادية و تدعى أن التقاليد (الإسلامية طبعا ) ليست معيقة أمام التنمية و تقول :
( ولكني أعلم أيضا أن التقدم البشري لا يمكن إنكاره، فالتناقض بين التطور والتقاليد ليس أمراً ضرورياً، إذ تمكنت بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية من إحداث تنمية ضخمة لأنظمتها الاقتصادية، وتمكنت في ذات الوقت من الحفاظ على ثقافتها المتميزة. وينطبق ذلك على التقدم الباهر الذي شاهده العالم الإسلامي من كوالا لمبور إلى دبي، لقد أثبتت المجتمعات الإسلامية منذ قديم الزمان وفي عصرنا الحالي أنها تستطيع أن تتبوأ مركز الطليعة في الابتكار والتعليم). معترفا فى مواضع أخرى من خطابك بأن النمط التنموى التقدمى الغربى السائد لها جوانب سلبية و أن هناك ظاهرة إقصاء القيم الدينية و الأخلاقية من مجال التنمية الإقتصادية . و لكنى أراك متحفظا – بجانب هذا الإعتراف – عن الإفصاح عن الحاجة الماسة لمراجعة فلسفة أنماط التنمية الغربية التى أدت و لا تزال تؤدى الى نتائج سلبية و وخيمة على حساب مستقبل البشرية و الكرة الأرضية حيث بلغ الأمر بكثير من المفكرين و العلماء الغربيين الى أن الأنماط التنموية والإستهلاكية الرأسمالية إذا لم تغير ستؤدى حتما الى نهاية الكيان البشرى على وجه الأرض و ذلك بأسباب عديدة منها خطر الأسلحة النووية التى تملك % 95 منها الولايات المتحدة و الروسيا و إتلاف و تبذير الموارد الطبيعية والتسخن الأرضى وما الى ذلك من السلبيات الناجمة من هذه التطورات التى هى ضد البشرية و الكرة الأرضية دون شك .
و من هذا المنطلق يمكن القول بأن البشرية مهددة بالفناء فى مستقبل ليس ببعيد نسبيا ما لم تؤخذ تدابير لازمة و حاسمة ، شاملة جميع المجتمعات فى جميع أنحاء العالم . و لذا نحن بحاجة شديدة الى خلق ثقافة جديدة أخلاقية وعالمية لضمان مستقبل الحياة البشرية على وجه الأرض حفاظا على البيئة و وقوفا بوجه كل تطور سلبى ضد اليئة و الإنسان مهما كان ثمنه من تغيير فلسفاتنا للحياة و أنماط معيشتنا و ترك التبذير و التخلى عن النمط الإستهلاكى و الإستهلاك الكمالى بالتحديد و إيقاف النشاطات الصناعية التى لها آثار مدمرة للبيئة و الإنسان .
أعتقد أن الإنسجام أو التوافق- الذى ذكرته – بين التقاليد والتنمية الإقتصادية لا بد و أن يكون من هذا المنظور الجديد للإنسان و الطبيعة و البيئة والتنمية و مدعما لتنمية أكثر إنسانية و بيئية و إلا ستكون التقاليد غطاء لممارسات تنموية و صناعية ضد الإنسانية و الكرة الأرضية و بالتالى وسيلة الى نهاية التاريخ على وجه الأرض !

البساطة الطوعية !!!

طالما أنت تحدثت عن إمكانية تحقيق التنمية مع الإلتزام بالتقاليد الدينية و الإجتماعية فإليك إقتراح مهم و حيوى لتترجمه الى الواقع أنت بنفسك و مجتمعك أولا ثم لتكون أسوة للعالم و تصبح معلما للخير ، لا للشر و هو مفهوم ( البساطة الطوعية ) التى تدعو إليها التقاليد الإسلامية كما تدعو اليها تعاليم المسيح عليه السلام . و لكنك على يقين بأن نظام الولايات المتحدة و المجتمع الأمريكى لن يرضى و لن يوافق على تغيير النمط الإستهلاكى الكمالى الذى يواصله على حساب المجتمعات الأخرى دون مراجعة فلسفة الحياة و السلوكيات المعيشية السائدة عندكم ، رغم انتماء الأكثرية فى الولايات المتحدة الى المسيحية التى دعت الى مبدإ (البساطة الطوعية) قبل الإسلام . و لذا سيكون موقفك و موقف المجتمع الأمريكى من هذا المفهوم محكا صحيحا لمصداقية اهتمامك بالتقاليد و علاقتها بالتنمية السليمة الإنسانية !

الدعوة الى المشاركة الفعالة من أجل مستقبل أفضل ؟؟؟
و فى أواخر كلامك توجه الى العالم الإسلامى دعوة للمشاركة من أجل التنمية الإقتصادية والرفاهية كما زينت خطابك بمثل هذه الكلمات البراقة غير أنك تتجنب أن تعترف بحقيقة فى غاية الأهمية و هى أن الدول المتقدمة و الولايات المتحدة بالتحديد لم تحقق هذا التقدم لأنكم متفوقون علينا ذكاء أو أنكم مجدون و نحن كسلانين فقط . نعم هناك فارق فى الأداء و لكن هناك أسباب رئيسة لهذا التقدم السحرى ، منها اليد العاملة الرخيصة (العبيد ) والمواد الخام الرخيصة (الإستعمار) . ومهما حاولت التجنب من الإعتراف بهذه الحقائق فأن التاريخ مليئ بشواهدها و بذكرياتها المؤلمة و أنت بالذات تأتى من أصل(العبيد) و أرض(المستعمرة) قد نهب الغرب ثرواتها المادية و المعنوية و البشرية . من أجل ذلك كله و لأسباب أخرى إضافية لا يمكن للعالم الإسلامى إنجاز تقدم و تنمية على طراز التقدم الغربى و التنمية الغربية المستعمرة (الرأسمالية المتوحشة)، لأن الظلم بجميع أنواعها من أكبر الكبائر فى الإسلام و لا يجوز للمسلمين السعى من وراء تنمية إقتصادية بغض النظر عن مبادئها و تعاليمها الإسلامية!

هنا يظهر الفرق الكبير بين الحضارتين : الحضارة الغربية اليهوديةـ المسيحسية المنشأ و الحضارة الإسلامية !

صدام الحضارات أم صدام الخير و الشر ؟؟؟

مهما كانت التسميات مثل صراع الحضارات أو صدام الحضارات فإن المسمى واحد لا يختلف و بالتالى يمكن القول بأن هناك صراعا أو صداما بين القيم : بين الحق و الباطل و العدل و الظلم و الخير و الشر و المبدئية و اللامبدئية و المثالية و النفعية و الإستقلال و الإحتلال و البناء و الهدم و الفضيلة و الرذيلة والحلال و الحرام و الإصلاح و الفساد . و هذا الصراع قائم منذ أن خلق الله الإنسان على وجه الأرض. و أما منظومة القيم هذه بشقى الإيجابى و السلبى قد تتمثل فى فلسفات و مجتمعات و نظم و إيديولوجيات و سلوك الحياة و غير ذلك من البنى الفوقية. و مهما كانت الجهود المبذولة كبيرة لإستئصال جذور مثل هذه الصراعات فإن المشكلة ستستمر لأن الأفراد و المجتمعات مواتية لعمل الخير و الشر خلاف الملائكة. و بدلا من السعى من أجل القضاء على صراع الحضارات كمطلب أو مشروع مستحيل أو شبه مستحيل فلنوسع دائرة التعاون و المشاركة من أجل تخفيف و تضعيف العناصرالمهيئة لهذا الصراع .

ضرورة العودة الى الإسلام المقاوم لا إلى الإسلام المستسلم !

إن الإسلام له معنيان : الإسلام عنوانا لدين محمد صلى الله عليه و سلم و إسما عاما لجميع الأديان السماوية. و على كلى التفسيرين المعنى واحد و هو الإستسلام لدين الله وحده لا الغير و أما الأنبياء عليهم السلام لم يستسلموا لغير الله و لا لغير دينه ، بل كانوا مقاومين على كل أمر يخالف أمر الله مثل الشرك و الكفر و الظلم و القمع والإستعمار و لذلك يمكن أن توصف الأديان السماوية بصفة عامة و الإسلام بصفة خاصة مشاريع المقاومة فى جوهرها لمواجهة جميع التطورات السلبية المؤدية و المتسببة الى الشرك و الكفر و الظلم و الطغيان و القمع والإستبداد و الإستعمار و الإحتلال و القتل و التشريد و الإبادة و التلوث البيئى و التسخن الأرضى و الفقر و باختصار كل ما هو ضد القيم الأخلاقية و الإنسانية العالمية فعلى المسلمين أن يقفوا بوجه هذه المخاطر المهددة لمستقبل البشرية على وجه الأرض إيمانا بالله و بتعاليم دينه و تصديقا لرسالته . و فى ضوء هذه المقاربة ، من المستحيل أن يخضع و يستسلم المسلمون لمحور الشر فكريا و أيديولوجيا و ثقافيا و إقتصاديا و سياسيا و عسكريا ، بل الواجب عليهم أن يقاوموا بكل الوسائل على محور الشر مهما كان ثمن هذه المقاومة . و لذلك لن تجدى المحاولات من أجل تحويل الإسلام الى “ الإسلام المعتدل “ أو “ الإسلام الأوروبى “ أو “ إسلام الحوار و التسامح “ لهدف القضاء على محور الخير، بل ستبقى فاشلة و عقيمة رغم الجهود المبذولة ، المكثفة و المتواصلة المدعومة بكل وسائل . و مما لا شك فيه أن المقاومة الإسلامية بكل معانيها ستكون لصالح البشرية كلها و من ضمنها دول و مجتمعات محور الشر، لأن محور الشر إذا ما أوقفه محور الخير ستكون النتيجة نهاية التاريخ حقا لأنه سوف لا يبقى هناك عين تطرف على وجه الأرض عند فشل مقاومة محور الشر معاذ الله.

كلمة حق أريد بها باطل

أما حرصك على ذكر بعض النصوص الدينية و الحكمية فواضح جدا ، لأنك تذكر من حين الى آخر كثيرا من الآيات ، من القرآن و الأنجيل و من النصوص الحكمية و تنثرها نثرا فى ثنايا خطابك و هى كعملية تزينية و تجميلية قد تبدو لكثير ناجحة ولكنها و إن كانت نافعة إعلاميا فليس كذلك من حيث المبدئية و المصداقية و من آخر الأمثلة على ذلك ، قولك الآتى : (ولكل دين من الأديان قاعدة جوهرية تدعونا لأن نعامل الناس مثلما نريد منهم أن يعاملونا). و هذا القول يعتبر من أفضل الأمثلة على إزدواجية و لامبدئية السياسات الأمريكية ، لأنه(كلمة حق أريد بها باطل) على حد قول المسلمين أى هى كلمة صحيحة تعبر عن مقاربة صائبة و لكن أوباما ، قائل هذا الكلام ، ينبغى عليه أن يطبقه بنفسه و بالفعل قبل كل الناس و يجدر أن يتعظ به قبل أن يعظ به المسلمين الذين لا يستولون على بلاد أمريكا و لا يستعمرونها و لا ينهبون ثرواتها و لا يبيدون الأمريكيين كما أبادت أمريكا من المسلمين و غير المسلمين ملايين من الأبرياء ، من الولدان و الأمهات و الشيوخ و غيرهم من المدنيين .
و هناك أمرآخر بديهى و مهم للغاية وهو أن يتلفظ الإنسان بكلمة حق شىء و العمل بمقتضاها شىء آخر ،لأن الكلام إذا لم يصحبه العمل و الممارسة يبقى كلاما فارغا أو مجرد تمنيات على أحسن تقدير . و على هذا الأساس أعيد و أكرر مرة تلو أخرى بأن سمعة الولايات المتحدة السيئة عند المجتمعات الإسلامية و صورتها القبيحة فى أذهان المسلمين لا يمكن تصحيحها و لا تحسينها إلا بأن تعمل بما تقول و أن توجه جميع نصائحك الى نفسك قبل أن تطالب المسلمين برعايتها و إلتزامها و اعلم أن الإعتبار بالعمل و القرارات و التنفيذ لا بالخطاب ولا التوصيات و لا النوايا الطيبة على فرض صحتها . و لا يختلف الأمر بالرغم ما نقلته فى نهاية خطابك من نصوص القرآن و التلمود و الإنجيل :

(إننا نملك القدرة على تشكيل العالم الذي نسعى من أجله، ولكن يتطلب ذلك منا أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لاستحداث هذه البداية الجديدة، آخذين بعين الاعتبار ما كُتِب في القرآن الكريم: „يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا“.

ونقرأ في التلمود ما يلي: „إن الغرض من النص الكامل للتوراة هو تعزيز السلام.“

ويقول لنا الكتاب المقدس: „هنيئاً لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعونَ.“ (تصفيق)

باستطاعة شعوب العالم أن تعيش معا في سلام. إننا نعلم أن هذه رؤية الرب، وعلينا الآن أن نعمل على الأرض لتحقيق هذه الرؤية).

نعم لا شك فى أنها رؤية الرب و مشيئته و لكن الولايات المتحدة بممارساتها الإستعمارية و القمعية والتدميرية و رأسماليتها المتوحشة و استخدامها الأسلحة النووية و ما تسببت من الأضرار الى كوكبنا من التلوث البيئى و الى التسخن الأرضى و ما قامت به من تبذير و إتلاف الموارد الطبيعية قد أعلنت و لا تزال تعلن بأنها لا علاقة لها برؤية الرب و لا بمشيئته ، لأن هذه الممارسات كلها مما حرم الرب على عباده الصالحين وإنما هى أعمال أحلها الشيطان على عباده الطائهين . و الأمر الذى يجعل من المستحيل أن نتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية إستسلامها لرؤية الرب و مشيئته اللهم إلا أن ينتبه المجتمع الأمريكى و النظام الأمريكى بأنهما بعيدون جدا عن تحقيق مشيئة الرب على وجه الأرض وأن يحكما على أنفسهما هل هم أقرب الى مشيئة الرب أم الى مشيئة الشيطان ، لأن الشيطان لا يريد إلا الظلم و الحرب و الإستعمار و القمع و الإبادة و التدمير و التبذير و الإتلاف كما قال الله تعالى فى القرآن الكريم بأن الشيطان يريد أن يوقع العداوة بين عباد الله و أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين .

و بالرغم من كل هذه الملاحظات و السلبيات و بعد كل ما نال الشعوب و المجتمعات الإسلامية و غير إسلامية من أذى الولايات المتحدة الأمريكية ، فواجب علينا نحن المستضعفون عموما والمسلمون خصوصا أن نكون متفائلين لمستقبل العالم الإسلامى خصوصا والعالم الثالث و البشرية عموما و من أجل ذلك كلنا بحاجة إلى رؤية عالمية جديدة رحمانية لا شيطانية . و اعلموا أيها الأمريكيين متى وقفتم بجانب رؤية الرب و مشيئته ، فستجدون المسلمين بجانبكم و أما إذا فضلتم الوقوف بجانب رؤية شيطانية مؤدية الى نهاية التاريخ و البشرية و الكوكب الأرضى فستجدون المسلمين أمامكم جاهزين للقيام بالجهاد و المقاومة ضدكم و ضد كل ظالم و محتل و مستعمر حتى آخر قطرة من دمائهم كما حدث ذلك فى التاريخ مرارا .

و أما السامعون ؟؟؟

هذا شأن المتكلم ( الرئيس أوباما الذى تحدث باسم النظام الأمريكى ) و هذه التعليقات والملاحظات كلها تخصه و نظامه الذى يمثله و أما السامعين الذين صفقوا له خلال خطابه فصنيعهم أيضا جدير بالتعليق و الملاحظة من جهة ، بل بالنقد و اللوم من جهة أخرى ليكون التعليق شاملا كما ورد فى العنوان .
و لئلا نطيل الكلام نكتفى بالقول بأن ليس للتصفيقات معنى غير أنها رد فعل موقت كنتيجة طبيعية للشعور بالنقص أو تسلية نفسية موقتة فى ظل نظام استبدادى و قمعى و لكن القرآن الكريم يناديكم أيها المسلمين من وراء القرون الطويلة محذرا من الإغترار بمجرد الكلام الذى لا يصحبه من العمل ما يدل على الصدق و الإخلاص كما ورد فى الآية التالية :

(و من الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا و يشهد الله على ما فى قلبه و هو ألد الخصام )

و القارئ لهذه الآية الكريمة لا يملك نفسه أن يتعجب من تطابق كامل بين هذه الأوصاف و أوصاف خطاب أوباما المشار اليها طول هذا التعليق ، لأن التطابق مذهل جدا ، حيث ألقى أوباما كلمة تدور حول القضايا الدنيوية و المعيشية المتعلقة بالحياة الدنيا و أشهد الرب و النصوص القرآنية و التلمودية و الإنجيلية على صدقه و لكنه و النظام الذى يمثله يناقضان هذه الأقوال بالممارسات المخالفة لها كالمستهزئ بعقولنا و من رضى لنفسه الهوان بتصديق أقوال أوباما دون النظر الى القرارات و الممارسات و التنفيذ فقد نبذ هذه الآية الكريمة وراء ظهره و جعل القرآن مهجورا و من لم يعتبر بخطاب نابوليون و ممارساته المناقضة لها ، فقد حق عليه اللوم النبوى الوارد فى رواية ( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) و الذى لا يستلهم العبر لا من التاريخ و لا من النصائح القرآنية و النبوية فلا عليه أن يصفق نابوليون أو بوش أو أوباما أو أمثالهم من المستعمرين الظلمة و الطغاة .
و هذا شأن من إغتر بخطابه و صفق له تصديقا بكلامه دون مبالاة بممارساته المناقضة لأقواله ، فما بال من إعتقده مسيحا أو شبه مسيح ؟؟؟ أللهم احفظ عقولنا من الضياع

و الله أسأل أن يلهمنا رشدنا و يهدينا سبيله و يحفظنا من الإغترار بمن يعجبنا قوله فى الحياة الدنيا و يشهد الله على ما فى قلبه و هو ألد الخصام .

والسلام على من اتبع الهدى

أ‌. د. محمد خيرى قير باش أوغلو

كلية الإلهيات بجامعة أنقرة / تركيا
عضو مؤسس لمبادرة مؤتمر الشرق
عضو هيئة التحرير لمجلة) الإسلاميات(
0090 536 262 33 73
0090 312 212 68 00 / 266