بســــــــــــــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــــــــــــــــــم
انطلاقا من المسؤولية العلمية و الفكرية التي تفرض علينا جميعا الاهتمام و العناية بمصير و مستقبل الأمة الاسلامية عموما و بمسألة تطوير المستوى في مجالات العلوم الاسلامية على وجه الخصوص ، فإن أواصل التفكير في هذا الأمر و لكن لا من منظور شخصي أو كقضية شخصية ، بل من منظور أوسع و أشمل من ذلك ليشمل العلاقات التركية القطرية خصوصا و العلاقات التركية العربية عموما و أثناء تفكيري في هذه الجوانب خطر ببالي بعض المخططات و المشاريع التى كنت أفكر في تقديمها كمساهمة متواضعة الى المجتمع القطري ولا أزال أفكر فيها لترجمتها الى أرض الواقع في قطر و في جامعة قطر بالذات و أود هنا أن أقدم لكم صورة موجزة عن هذه المشاريع لأهميتها البالغة كمشروع أولا و للبحث عن مدي امكانية تقديمها باسم كلية الشريعة الى مؤسسة قطر كمؤسسة مشجعة لمثل هذه المشاريع الفكرية و العلمية و الاجتماعية و الثقافية من جهة أخرى .
و المشروع الذي اريد التحدث عنه ، مشروع يلامس جميع هذه الجوانب و المجالات المذكورة اعلاه من الفكر و العلم و المجتمع و الثقافة و هو بشكل موجز مشروع ( إدخال مناهج الدراسات الميدانية و الإحصائية في مجال الدراسات الحديثية ) . أفيدكم علما بأن هذا المشروع ليس بمشروع نظري فقط ، بل هو مشروع قد تم القيام بعدد من الدراسات الميدانية في كلية الألهيات بجامعة أنقرة لأول مرة في سلسلة من رسائل التخرج و الماجستير و هي رسائل التي من الله علي بفضل الإشراف عليها و نشر نتائجها و تلمس آثارها في اوساط الدراسات الاسلامية و في رئاسة الشؤن الدينية التي هي أعلى مؤسسة دينية للخدمات الدينية و الدعوة و الارشاد في تركيا مثل وزارة الأوقاف في قطر .
أما أهمية هذا المشروع فتكمن في تقديمه لنا نظام القياس العلمي لأعمال الدعوة و الارشاد و التعليم على جميع المستويات ، الابتدائية والمتوسطة و الثانوية والجامعية . علما بأن النشاطات و الفعاليات التعليمية والدعوية التي تقوم بها المؤسسات و الأفراد لا تعتمد غالبا على تحديد الأولويات و الضروريات و لا تواكب التطورات و التغيرات الاجتماعية و الثقافية و يكتفى بالكلام النمطي و بإعلام المعلوم و تحصيل الحاصل .
و من ناحية أخرى هناك فراغ ملحوظ في تقييم أعمال القائمين بالتعليم الديني و الدعوة و الارشاد على أسس علمية حيث لا نستطيع الجزم بأن استخدام الروايات – مثلا – في هذه المجالات يتم بشكل سليم ثبوتا و دلالة . و كل ذلك يعني بأن أمر القائمين بأعمال الدعوة و الارشاد و التعليم يشبه بمن قام بمعالجة المريض دون الكشف عن المرض و يقدم للمريض حبوبا بشكل متواصل و لكن دون التأكد من جدواها . الأمر الذي يحتم على الجهات المعنية بهذه الأعمال و الخدمات الدينية أن يشجع الدراسات الميدانية في المجالات المذكورة ، للكشف عن مواضع الخلل أولا و لضمان النوعية و الجودة ثانيا .
و لمثل هذه الدراسات دور مهم أيضا لتطوير مقاربات متعددة العلوم في مجال الدراسات الاسلامية ، لأن العلوم الاسلامية أصبحت الى حد كبير تعتمد على التراث الموروث دون اضافة اليه شئيا يذكر و انحصرت على مجال ضيق و هو الاعتماد على النصوص دون دراسة الواقع وفق مناهج علمية . ولكن الواقع بحاجة الى قراءة أيضا و هذه القراءة لا تتحقق الا بتوظيف الدراسات الميدانية المطبقة في العلوم الاجتماعية و البشرية .